النحت الحوراني.. حين تجتمع خصائص الحضارات بيد واحدة

  • 2017/09/18
  • 4:42 م
موقع سحر اللجاة في درعا (Esyria)

موقع سحر اللجاة في درعا (Esyria)

لم يقاوم صخر البازلت في الجنوب السوري العوامل الطبيعية فقط، بل تمكّن من الاحتفاظ بسحره الفني وقيمه الروحية لأكثر من 2100 عام، حتى اكتشف الأحفاد آثار براعة الأجداد في تطويع هذا الصخر الصلب لفن النحت.

فقد أدى اكتشاف أجزاء من تماثيل نحتها الحورانيون القدامى إلى تمهيد الطريق أمام الباحثين الراغبين بدراسة فن النحت جنوب سوريا، إذ جمعت مطرقة النحات الحوراني خصائص فنية تعود لحضارات متنوعة في قبضة واحدة.

وكان فن النحت الإغريقي قد اعتمد على البرونز والرخام كمواد للنحت، ونزع نحو إظهار الجانب الجميل من الشخصيات الأسطورية والتاريخية، بشكل متناغم وواقعي، ومنه أخذ النحت الحوراني الشكل العام للفترة المسماة بالكلاسيكية الهلنستية.

كذلك نقل عنهم الرومان أساليبهم في النحت، لكنهم نوعوا في المواد المستخدمة، وتوجهوا أكثر نحو تصوير البشر ونحتهم عن طريق النقش في الصخور.

أما النحت الحوراني فقد أضاف بعض الخصائص المحلية التي سمحت ببروزه كفن مستقل، وأهم هذه الخصائص ما توارثه الحورانيون من مملكة الأنباط التي قامت جنوبي بلاد الشام، والتي تميزت بالعمارة الجنائزية، مثل المقابر كدليل على الاهتمام بالحياة الآخرة.

الهوية الشرقية في النحت الحوراني

وفي عام 1989 عثر الباحثون على موقع “سحر” الأثري في منطقة اللجاة بدرعا، وكان غنيًا بالتوابيت الحجرية وأبواب المدافن، بالإضافة لتماثيل أخرى بالحجم الطبيعي مثّلت آلهة وبشرًا وحيوانات.

ومن خلال المسح اكتشف الفريق الأثري أن موقع سحر يتألف من معبد ومدرج، وكان فيما مضى مركزًا للحج الوثني، بدلالة وجود نقود كانت مستخدمة في مدينة صور اللبنانية، واستمر استخدام موقع سحر الذي يقع بالقرب من المسمية حتى القرن الثالث الميلادي.

وبالإضافة إلى بروز الهوية الشرقية في النحت الحوراني، عثر الباحثون على نقش محفور في قاعدة تمثال ربة النصر فكتوريا، بلغة يونانية ذات أصول آرامية عربية لاسم هو “جاموس بن ناصر”، وهو ما قادهم إلى أن النحت الحوراني يعود للعهد النبطي، فيما قبل العهد الروماني الذي شهد وصول عدة أباطرة من أصول سورية إلى سدة الحكم فيه، ما أدى إلى ازدهار الحياة في موطنهم الأصلي.

وبالرغم من اتساع رقعة حوران القديمة، إلا أن النحاتين والمعماريين اعتمدوا على نمط واحد من النحت مرتبط بالصخر البازلتي، بالرغم من توافر مواد أخرى صالحة للنحت ايضًا، مثل الحجر الكلسي والرخام الأسود والبرونز.

وبما أن النحت استخدم لأغراض دينية فيما مضى كشكل من أشكال التعبد، فإن استخدام هذه الصخور في بناء منازل وقلاع المنطقة يأخذ فيما يبدو بعدًا روحيًا تبرّكيًّا لدى الحورانيين القدامى.

مقالات متعلقة

  1. وفاة نحات نصب "صلاح الدين الأيوبي" في دمشق
  2. وجيه نوح: النحت تراث قديم لا يعرفه إلا القليل
  3. الذكرى 135 لميلاد راعي المواشي الذي تحوّل إلى أشهر نحاتي العالم
  4. إلياس نعمان.. قصة نحات سوري في قبلة النحاتين إيطاليا

فن وثقافة

المزيد من فن وثقافة