د. أكرم خولاني
يعاني العديد من الناس من داء القرحات الهضمية، وقد تكون القرحة في المعدة أو في الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة المسمى الاثني عشري.
قرحة المعدة: تصيب كبار السن أكثر من غيرهم، والأسباب الأبرز لحدوثها هي عدوى الجرثومة الملوية البوابية بالإضافة لتناول مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، وقد تكون القرحات المعدية عديمة الأعراض وتؤدي للمضاعفات مباشرة، ولكن الأمر الخطير أنها قد تكون سرطانًا في المعدة في أصلها، لذا يجب فحص كل حالة قرحة معدية بدقة والتأكد من شفائها.
قرحة الاثني عشر: هي أكثر شيوعًا من القرحات المعدية، وتحدث لدى البالغين صغار السن، وسببها الأساسي هو عدوى الجرثومة الملوية البوابية، ونادرًا جدًا ما تكون سرطانًا بعكس قرحة المعدة.
كيف تعالج القرحة الهضمية؟
يعالج المرضى الأصغر سنًا من 45 سنة ممن يعانون من أعراض مشابهة لأعراض القرحة بالأدوية التي تقلل إفراز الحمض في المعدة قبل اللجوء لإجراء التنظير، أما المرضى فوق سن الـ 45 سنة وعند استمرار الأعراض فترة أكثر من أسبوعين فإن احتمالات القرحة الهضمية لديهم عالية ويجب إخضاعهم لفحص سريع عن طريق المنظار.
تشمل الأدوية التي تقلل الحموضة التالي:
مضادات الحموضة: تتوفر مضادات الحموضة في الصيدليات ويمكن تناولها دون وصفة طبيب، وهي لا تخفض إفراز الحمض المعدي إنما تقوم بمعادلة الحمض، ما يسبب زوال الألم بسرعة، وقليلا ما تستخدم اليوم لأن نجاعتها قليلة، وعندما تستخدم فإنها تستخدم بجانب أدوية أخرى.
مثبطات مستقبلات الهيستامين: تقوم بتقليل كمية حمض الكلور الذي يتم إفرازه إلى الجهاز الهضمي، ما يخفف ألم القرحة ويسرع شفاءها، أهم هذه الأدوية هي (سيميتدين، فاموتيدين، رانتيدين).
مثبطات مضخة البروتون: مضخة البروتون هي مضخة موجودة في خلايا المعدة وهي المضخة الرئيسية المسؤولة عن إفرازات المعدة الحمضية، وتعمل مجموعة الأدوية كمثبطات لهذه المضخة وبذلك تثبط إنتاج الحمض في المعدة، هذه المجموعة هي الأكثر نجاعة، والأكثر استخداما حاليا، وأهم هذه الأدوية (أوميبرازول، لانسوبرازول، بانتوبرازول، رابيبرازول، إيزوميبرازول).
ويستخدم بعض الأطباء الأدوية الحامية للخلايا: تعمل هذه الأدوية على حماية الغشاء المخاطي المبطن للجهاز الهضمي، وتعمل هذه الأدوية بعدة طرق: زيادة إفراز الغشاء المخاطي والمواد التي تحميه، زيادة تدفق الدم إلى الأوعية الدموية في الطبقة تحت المخاطية، بعض الأدوية تشكل طبقة فوق الغشاء المخاطي لحمايته.
ومن هذه الأدوية (سوكرالفات، بزموت، مماثلات البروستاغلاندين كالميسوبريستول).
أما عند إثبات العدوى بجرثومة الملوية البوابية فيجب علاجها باستخدام المضادات الحيوية مع مثبطات مضخة البروتون، يستمر العلاج بالمضادات الحيوية لمدة 7-14 يوم، أما مثبطات مضخة البروتون فلمدة ستة أسابيع، ومن المهم جدًا تناول الأدوية باستمرار ولكامل المدة لأجل نجاح العلاج، وتشمل المضادات الحيوية المستعملة: أموكسيسيلين، ميترونيدازول، كلاريترومايسين، دوكسيسيلين.
ويكون العلاج باستعمال ثلاثة أدوية، اثنان من المضادات الحيوية وواحد من مثبطات مضخة البروتون، وفي بعض الحالات تكون الجرثومة الملوية البابية مقاومة لبعض الأدوية وعندها يفشل العلاج، في هذه الحالة يجب استبدال الأدوية بأخرى، وإجراء اختبار زرع الجرثومة لمعرفة المضادات الحيوية التي يمكن استخدامها، وأحيانًا يجب استخدام أربعة أدوية وليس ثلاثة.
ما أسباب فشل العلاج؟
- عدم الالتزام بالأدوية الموصوفة، وهو السبب الرئيسي لفشل العلاج، لذا من المهم جدًا تناول الأدوية طبقًا لوصفة الطبيب.
- مقاومة الجرثومة للمضادات الحيوية، وفي هذه الحال يجب استبدالها.
- الاستمرار بالتدخين أثناء العلاج، يعد من أهم الأسباب، لذا يجب الإقلاع عن التدخين وإعادة العلاج.
- الاستمرار في تناول مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية.
- سرطان المعدة، وهو سبب غير شائع لكنه خطر، لذا يجب التأكد من شفاء القرحة المعدية ونفي السرطان.
- أمراض أخرى نادرة مثل متلازمة زولينجر اليسون والتي تسبب زيادة إفراز حمض المعدة بشكل كبير مستمر.
- في حال عدم وجود سبب ما، يمكن زيادة جرعة مثبطات مضخة البروتون والمتابعة، وفي حال عدم التحسن تكون الحالة مستعصية.
ما الحالات التي تستدعي التداخل الجراحي؟
- المعالجة الجراحية المستعجلة لعلاج المضاعفات التي تشكل خطر الحياة، في حال النزيف يجب وقف النزيف من الوعاء الدموي، وفي حال الثقب يجب إغلاقه، وكذلك الأمر عند الاختراق.
- المعالجة الجراحية لعلاج الحالات المستعصية، وهدف جميع العمليات الجراحية هو الإقلال من إفراز الحمض المعدي، أو استئصال القرحة نفسها.
كيف يمكن الوقاية؟
- العناية بالنظافة الشخصية لتقليل احتمالية العدوى بجرثومة الملوية البوابية، ويشمل ذلك غسل اليدين قبل الوجبات، وغسل الخضراوات والفواكه جيدًا، وعدم استعمال أدوات الآخرين الشخصية وأدوات طعامهم.
- عدم تناول الأدوية إلا باستشارة طبية، وتجنب الإفراط في استخدام المسكنات للألم خاصة مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية.
- التحكم في ارتجاع حمض المعدة وذلك بتجنب المأكولات الحارة (المخللات، الشطة ، الفلفل… الخ) والدهنية، وتجنب الاستلقاء بعد الوجبات على الأقل لمدة ثلاث ساعات، رفع الرأس والكتفين عند النوم، وإنقاص الوزن.
- تجنب شرب الكحول، والإقلاع عن التدخين.