عنب بلدي ــ العدد 118 ـ الأحد 25/5/2014
بات واضحًا في الآونة الأخيرة أن وسائل الإعلام الدولية صارت تطلق على ما يحدث في سوريا بـ «الحرب الأهلية». وإذا كان الثوار قد انتفضوا في 15 آذار 2011 فإنهم كانوا يأملون في تحقيق مطالبهم المحقة في الحياة الكريمة والعدالة والديمقراطية دون إراقة نقطة دم واحدة، ولم يكن يدور في خلدهم أن الأمور ستصل إلى ما وصلت إليه الآن. الطرف الوحيد الذي كان يعرف ويخطط وينفذ هو طرف السلطة الذي أطلق شعاره منذ الأيام الأولى للثورة «الأسد أو نحرق البلد».
اعتقدت السلطة أنها باستخدام أكثر أنواع العنف قساوة ستجبر الثوار على الانكفاء إلى بيوتهم والعودة إلى حياتهم العادية. لكن الثوار على الأرض واجهوا العنف بالتمسك أكثر بالثورة، ومع مرور الأيام والأشهر والسنوات وصلنا الآن إلى ما وصلنا إليه.
أعود إلى الحرب الأهلية لأقول إن وسائل الإعلام تظلم الثورة السورية بإطلاقها هذا المصطلح على الوضع في سوريا. إن الحقيقة الناصعة للجميع أن الصراع الدائر في سوريا هو صراع بين شعب ثائر وسلطة ديكتاتورية مستبدة، أي إن الحرب بين الشعب والسلطة الحاكمة المستبدة وليس بين أفراد الشعب السوري وطوائفه وأعراقه. بؤرة الصراع في البلد بين أفراد وجماعات ودول تدافع عن الديكتاتورية والفساد والظلم وبين أفراد بسطاء فقدوا كل شيء بسبب حلمهم في الديمقراطية والعدالة، وإن استخدام السلاح في هذه الثورة لا يسلبها صفتها الثورية. هنا أطرح سؤالًا: لماذا أصبحت الثورة السورية في نظر العالم حربًا أهلية بينما يعترف العالم بثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا والثورة الإنكليزية والفرنسية والأمريكية، وغيرها الكثير، مع أن أحداث هذه الثورات أدت إلى قتل عشرات الملايين من الناس؟ لماذا تنعت بعض أجهزة الإعلام الانقلابات بالثورات مع أنها لا تعدو كونها استخدام القوة من قِبَل ضابط أو مجموعة من الضباط للاستيلاء على السلطة كما حصل في سوريا في 8 آذار 1963 وفي مصر في عام 1953 وفي أماكن أخرى كثيرة.
أعتقد أن الهدف واضح، وهو محاولة تشويه سمعة الثورة السورية النبيلة والحط من قدرها وتأليب الناس عليها. لكن هذه المحاولات لن تنال من شرف الثورة السورية ونبل قيمها وأهدافها، وإني أدعو كل من يستخدم هذا المصطلح إلى العدول عنه واستبداله بمصطلح الثورة السورية.