أعادت الانشقاقات المتتالية عن “هيئة تحرير الشام” الفصيل إلى نواته الأولى المتمثلة بـ “جبهة فتح الشام”، عقب خروج أكبر الفصائل التي اندمجت معها، في كانون الثاني الماضي.
آخر الانشقاقات تجلت بخروج “جيش الأحرار”، أكبر الفصائل العسكرية في “تحرير الشام”، مساء أمس الأربعاء، على خلفية التوتر الذي تعيشه “الهيئة” عقب التسريبات الصوتية الأخيرة.
وعزا “الجيش” انشقاقه إلى قرار من مجلس الشورى، مشيرًا إلى أنه “اتفق على تشكيل لجنة قضائية للنظر في الحقوق بين الجانبين”.
وأُعلن عن تشكيل “تحرير الشام”، في 28 كانون الثاني الماضي، بأغلبية من “فتح الشام” إلى جانب “حركة نور الدين الزنكي” و”جيش الأحرار”، بقيادة هاشم الشيخ (أبو جابر).
انشقاق “جيش الأحرار” جاء بعد حوالي شهرين، من إعلان “نور الدين زنكي” انفصالها عن “الهيئة”، 20 تموز الماضي.
وعزت “الزنكي” الانفصال حينها إلى “عدم تحكيم الشريعة التي بذلنا مهجنا والغالي والنفيس لتحكيمها، من خلال تجاوز لجنة الفتوى في الهيئة وإصدار بيان عن المجلس الشرعي دون علم أغلب أعضائه”.
ووفق ما رصدت عنب بلدي على حسابات “جهاديين” في “تويتر”، فإن البعض قال إن “جيش الأحرار” علق عمله ضمن “الهيئة” منذ أشهر وأعلن انفصاله أمس.
إلا أن آخرين عزوا سبب الانفصال إلى “الهروب من شبح الاستهداف”، في ظل الحديث عن عملية عسكرية ضد “تحرير الشام” في إدلب، والمصنفة على “قوائم الإرهاب” دوليًا.
حسابات مناصرة لـ “تحرير الشام” رفضت الانشقاقات، معتبرةً أن “الهيئة هي الجماعة المجاهدة الوحيدة المتبقية في أرض الشام، رغم بعض الأخطاء والمظالم، ولكنها جامعة بين معروف ومنكر”.
وترافقت الانشقاقات مع استقالات لشرعيين في “الهيئة”، أبرزهم: عبد الله المحيسني ومصلح العلياني، إضافة إلى انشقاقات لبعض الكتائب والجماعات التي انضمت تباعًا إلى “تحرير الشام” خلال الأشهر الماضية.
وكان المحيسني أبرز الشرعيين الذين دعوا إلى الالتفاف حول مشروع الهيئة والاندماج تحت رايتها.
وتعزى الانشقاقات لما يوصف بـ “تجاوزات القيادة للجان الشرعية في الهيئة”، إضافة إلى التسريبات الصوتية التي أعقبتها ووصفت من الشرعيين بأنها “انتقاص صريح لحمَلة الشريعة”.
وما تزال الهيئة تحتفظ بقوتها المركزية المتمثلة بـ “جيش النصرة”، والذي كان رأس حربة في معاركها الأخيرة ضد فصائل كـ “أحرار الشام”، بحسب معلومات عنب بلدي.
حين فكت “جبهة النصرة” ارتباطها بتنظيم “القاعدة” وغيرت مسماها إلى “فتح الشام”، تفاءل بعض المحللين بهذا التحول، بينما توقع مراقبون أن يكون الحدث “شكليًا” مع استمرار نهج الفصيل وسعيه لتشكيل “إمارة” في المنطقة، بقيادة “أبو محمد الجولاني”.
وتترافق الانشقاقات مع اتهامات للجولاني بالتنسيق مع روسيا والتقرب من إيران، في وقتٍ ترسم دول إقليمية مصير إدلب، وسط غموض حول مستقبل المحافظة.
ووفق محللين فإن “تحرير الشام” لم تنجح في تغيير المعادلة في الشمال السوري، كما كانت غايتها حين تشكيلها، بل زادت الواقع تعقيدًا في تلك المنطقة.
–