عنب بلدي – خلود حلمي
يقول أهل الأمثال: «ما يحس بالوجع إلا صاحبه»، وهو مثل طبقه رئيس الأوروغواي خوسيه ألبرتو موخيكا الذي كان مقاتلًا سابقًا في منظمة توباماروس الثورية اليسارية وعمل وزيرًا للثروة الحيوانية والزراعة والثروة السمكية، وعمل بعدها بمجلس الشيوخ، ثم فاز بالانتخابات الرئاسية عام 2010.
ولأنه عانى كل ما عانى وعرف معنى الظلم والقهر، قام الرئيس الذي يوصف بـ «أفقر رئيس في العالم»، بسبب أسلوب حياته التقشفي وتبرعه بقرابة تسعين في المئة من راتبه الشهري الذي يساوي 12,000 دولار أمريكي للجمعيات الخيرية والشركات الناشئة، باتخاذ قرار باستقبال 100 طفل سوري من مخيمات اللجوء مع مرافق واحد على الأقل في منزله الصيفي، وهو مالم يفكر به رئيس يدعي العروبة أو التدين، أو حتى أي من أعضاء الائتلاف أو الحكومة المؤقتة أو رموز المعارضة.
لم يكن قرار موخيكا غريبًا، وهو الذي استضاف امرأة من بلاده مع أبنائها المشردين حتى وجدت لهم المصالح الاجتماعية مأوى بعد حين. الرئيس الذي لا تزال زوجته تعد له طعام العشاء بنفسها من مواد تتسوقها بنفسها من السوق، تصفه بأنه رجل ريفي مثقف ذو شخصية جمعت بين الحكمة والحلم، قلبه ظل يحافظ على خفة المراهقة الحالمة، ما جعل الأوروغوانيين يطلقون عليه لقب «الختيار» أو «الجد»، وتؤكد أنها مستعدة للتضحية مع زوج مثله.
من تصرفات الصادقين في العالم نجد أنه كم نحتاج لقلب ثائر يحب الخير للبلاد والعباد ويؤثر الآخرين على نفسه حتى تنتفض البلاد من تحت الرماد الذي تعيشه من ظلم من يدعي أنه يحميها أو يناضل باسمها، أو حتى من جاء «ليقاتل» باسمها وما قدم لها إلا الموت والخراب من جماعات تدّعي الإسلام وهي لا تفقه منه إلا الاسم، وقلوب مئات الآلاف من السوريين لا تمتلك سوى أن تحلم برئيس يشبه الجد الحنون يمسح لها بعضًا من جراحها ويعيد لها الأمل من جديد.