تعود جذور الحرب على الإرهاب التي نشهد ذروتها اليوم في سوريا، إلى حدث تأسيسي دامٍ دفع ثمنه مدنيون، قبل أن يتم استخدامهم كذريعة لقتل المزيد من المدنيين حول العالم.
ففي يوم 11 أيلول 2001، وحين بلغت الساعة 8:46 من صباح يوم عادي في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، لفت انتباه الناس دوي انفجار قوي.
اصطدمت طائرة مدنية بأحد برجي مركز التجارة العالمي، وكانت تحمل على متنها 92 شخصًا بين مسافرين وطاقم عمل، وأدت إلى اشتعال النيران في البرج.
حضرت وسائل الإعلام على الفور، وأثناء نقل الحدث على الهواء مباشرةً اصطدمت طائرة أخرى ببرج التجارة الثاني بعد 18 دقيقة من الحادث الأول، وكان على متنها 64 شخصًا بين مسافرين وطاقم عمل.
وما هي إلا ساعة من الحرائق والانفجارات التي اشتعلت داخل البرجين، حتى انهار البرج الأول أمام أعين المشاهدين، ليتبعه البرج الثاني خلال نصف ساعة، وهما من أعلى الأبنية في العالم.
فرضت قوات الأمن طوقًا أمنيًا في محيط البرجين، وأخلي السكان من جنوب جزيرة مانهاتن، وأعلنت حالة الطوارئ القصوى في واشنطن، وأعلن الرئيس الأمريكي حينها، جورج بوش، أن الهجوم يتعلق على ما يبدو بهجوم إرهابي.
هجمات في الظل
خلال انهيار البرج الثاني، اصطدمت طائرة ثالثة بمبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، وسببت انهيارًا جزئيًا في المبنى، واستغرقت فرق الإطفاء أيامًا لإخماد الحرائق.
وكشف مكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) في آذار الماضي، عن صور الأضرار التي لحقت بـ “البنتاجون” لأول مرة بعد الهجوم بـ 16 عامًا.
الحصيلة الإجمالية للقتلى في هجوم “البنتاجون” وصل إلى 189 شخصًا، 125 شخصًا منهم موظفون في وزارة الدفاع.
إثر الهجوم أخلي البيت الأبيض ووزارة الخارجية، ونُقل جورج بوش إلى مكان آمن في قاعدة عسكرية.
خلال ساعات قليلة من بدء الهجوم انهار مبنى مجاور للبرجين مكون من 47 طابقًا.
الهدف الرابع من هذه الهجمات لم يتم الكشف عنه، لأن الطائرة المختطفة تحطمت في ولاية بنسلفانيا قبل بلوغها الهدف.
أبطال الأزمة الخليجية.. متهمون
في آذار الماضي، رفعت أسر ضحايا 850 شخصًا من الذين قضوا في هجمات 11 أيلول، دعوى قضائية ضد حكومة المملكة العربية السعودية، بعد أن كشفت وثيقة ارتباط مهاجمين بأشخاص على صلة بالحكومة السعودية.
وبلغ عدد المهاجمين 19 شخصًا، 15 منهم يحمل الجنسية السعودية، ونفذوا هجماتهم باختطاف طائرات مدنية.
في حين اتهمت رئيسة اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلينا روس ليتينن، مسؤولًا قطريًا لم تحدد هويته، بدعم العقل المدبر لهجمات 11 أيلول ماديًا.
الحرب على الإرهاب
اتهمت أمريكا تنظيم القاعدة بتنفيذ الهجوم وأعلنت الحرب على الإرهاب، ما أدى لتدخلها في كل من أفغانستان والعراق لإسقاط الأنظمة.
لكن التدخل العسكري في الدولتين أدى إلى نشوء المزيد من التنظيمات الإرهابية، حتى إن أشهر قيادات هذه التنظيمات كانوا سجناء في سجون أمريكية، مثل أبو بكر البغدادي.
وتحت شعار الحرب على الإرهاب تحالفت عدة دول لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” التي يتزعمها البغدادي، وأدت غارات التحالف الدولي في محافظات مثل الرقة ودير الزور إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين.
ومايزال تعريف “الإرهاب” فضفاضًا وعامًا، وبدأت الكثير من الحكومات في العالم باستخدامه ذريعة لإخماد حركات التحرر أو للتغطية على جرائم وتجاوزات تصنعها.
في حين تستهدف معظم الحركات المصنفة على قوائم “الإرهاب” المدنيين في المناطق التي تنتشر فيها، ما يجعلهم ضحية “الإرهاب” ثم ضحية “الحرب على الإرهاب”.
–