هنا الحلبي | ليان الحلبي
كادت مدينة حلب التي يقطنها حاليًا قرابة خمسة ملايين نسمة، أن تعيش كارثة إنسانية حقيقية في ظل انقطاع المياه عنها لمدة دامت ثمانية أيام متواصلة.
وحتى اللحظة لم تعرف الجهة المسؤولة عن قرار قطع المياه، الذي لم يتبناه أي من طرفي النزاع، واكتفى كل منهما بإلقاء اللوم والاتهامات على الطرف الآخر.
جريدة عنب بلدي حصلت على تصريحات من قيادات مطلعة في الجيش الحر وناشطين من حلب، لكنّ المصادر فضلت التحفظ على أسمائها نظرًا لحساسية الموضوع بين فصائل المعارضة.
وأفاد أحد قيادات الحر أن “نية قطع المياه لدى الهيئة الشرعية كانت مُبيتة، في حال فشل اتفاقية قطع الكهرباء عن مناطق سيطرة الأسد، مقابل وقف القصف بالبراميل من الأخير”، وقد أصدرت غرفة عمليات المنصورة حينها بيانًا ذكرت فيه أنه سيتم قطع المياه عن مناطق سيطرة الأسد، في حال عدم التزامه بوقف البراميل وفق “اتفاقية الكهرباء”، مع العلم أن قيادات الحر والكتائب الإسلامية كانت ترفض حينها فكرة قطع المياه.
وعندما قُطعت المياه يوم الثلاثاء 6 أيار الجاري لم تتبنّ أي جهة ذلك، علمًا أن منطقة سليمان الحلبي، التي توجد فيها مؤسسة المياه ومحطة المعالجة العامة لكل مدينة حلب، هي تحت سيطرة “جبهة النصرة” وعدة فصائل عسكرية تابعة لـ ”الجبهة الإسلامية”، كما أن هذه المنطقة تقع تحت إشراف “الإدارة الإسلامية العامة للخدمات” التابعة لـ ”الهيئة الشرعية”.
غير أنّ “الإدارة الإسلامية” أصدرت عدة بيانات خجولة ومتأخرة، تنم عن تخبط بسبب التناقض في معلوماتها، فتارة تتهم “داعش” بقطع المياه من «منطقة الخفسة» التي تقع تحت سيطرتها وتغذي مدينة حلب بالمياه، رغم أن فنيين ومهندسين أكدوا لعنب أنه لا يمكن قطع المياه من «منطقة الخفسة» لأن ذلك سيؤدي إلى غرق القرية وما يحيط بها من قرى، وتارةً أخرى تعزي “الإدارة” القطع إلى “محاولة إصلاح أعطال في الشبكة نتجت عن قصف قوات الأسد بالبراميل على المنطقة”.
بينما أفاد فنيون مطلعون على واقع شبكات المياه في حلب، حصول “أعطال فعلية لكنها ليست بسبب القصف”، وإنما هي أعطال في “أنظمة التحكم بالصمامات تعود إلى محاولة فاشلة في تغيير عملها”، مضيفين أن الهدف من ذلك “جعلها تغذي مناطق من حلب دون غيرها”، ما يُثبت “وجود محاولة لتغذية المناطق المحررة دون المناطق التي يسيطر عليها الأسد”، وهذه المحاولات كانت ستؤدي إلى خلق ضغوط خطيرة على كافة الصمامات.
وحصلت عنب بلدي على تسريبات من ناشطين في المنطقة تفيد بأن فريقًا من “الهلال الأحمر” فاوض “جبهة النصرة” للدخول إلى منطقة سليمان الحلبي لتصليح الأعطال، لكنّ فريق الهلال مُنع من الدخول بعد إعطائه الموافقة، كما منعه نظام الأسد أيضًا من الحصول على الآليات اللازمة للإصلاح.
ويتوافق في المسألة موقف النظام وجبهة النصرة في منع الهلال الأحمر، والسماح بالمقابل لمبادرة محسوبة على النظام بالدخول للتصليح وهي “مبادرة أهالي”، تزامنًا مع تسريبات من وزارة الداخلية تفيد بأن نظام الأسد قرر” تحييد الهلال الأحمر عن القيام بخدمات إيجابية للمواطنين”، والسماح بالمقابل لمبادرات “محسوبة عليه ومرخصة من قبله، لتلميع صورته إنسانيًا أمام المجلس الدولي” كما يتناقل ناشطو حلب في الفترة الأخيرة.
وقد حاول هؤلاء الناشطون لفت نظر “جبهة النصرة” إلى هذه النقطة، وتوضيح ما سيترتب عليها في حال منعهم الدخول إلى منطقة سليمان الحلبي من خدمة للنظام، لكن «المحاولات لم تلق أي تجاوب».
يذكر أن قطع الكهرباء الشهر الماضي كان عليه بعض التحفظات، خصوصًا بعد فتح قوات الأسد طريق «الراموسة»، وتمكنها من إدخال الإمدادات إلى المناطق المحاصرة، ما يعدم الجدوى من الضغط على النظام بقطع الكهرباء، لكن القرار طبق في ظل انشغال أغلب الفصائل في الجبهات المشتعلة، في الزهراء والراموسة وعلى تخوم فرع الجوية آنذاك.