«المعاهد الشرعية».. عمل تطوعي للمقاتلين في ظل غياب المؤسسات التعليمية
حسام الجبلاوي – اللاذقية
إن العديد من الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالحرب في سوريا تعتبر مخيفة، إذ تعكس حالة الاستنزاف لمقومات الحياة، بشرية كانت أم مادية، ومن بين هذه الأرقام 3.5 مليون طفل سوري محروم من التعليم لأسباب شتى وفق إحصائيات صرح بها وزير التعليم في الحكومة المؤقتة نهاية نيسان الماضي.
وفي ريف اللاذقية تحديدًا غابت المؤسسات وطغى صوت الرصاص على أصوات أجراس المدارس، ولا حديث سوى عن القصف وأعداد الجرحى، خصوصًا مع اشتداد المعارك في المنطقة على أكثر من محور بين قوات المعارضة ومقاتلي الأسد.
روايات لا يكترث بها الأطفال غالبًا بل تنحصر أمنياتهم في حقيبةٍ مدرسية، وفصلٍ دراسي يجمعهم مع أقرانهم، وقد أتيح لبعضهم تحقيق هذه الأمنية بمعاهد شرعية أقامها بعض المقاتلين من «حركة شام الإسلام» بمجهود فردي، حيث افتتحوا معهدين لتعليم الأطفال في جبل الأكراد، واستفاد من هذا المشروع ما يقارب 200 طفل، تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 12 عامًا.
وقد التقت جريدة عنب بلدي أحد المشرفين على هذه المعاهد ويدعى «أبو يزيد الأنصاري»، والذي تحدث عن بداية المشروع وأهميته، حيث أكد أن «هذا الجهد الذاتي بدأ بهمة بعض المقاتلين من حركة شام الإسلام ويهدف إلى إنشاء جيلٍ واعٍ، قائم على عقيدة إسلامية صحيحة»، وأضاف «هدفنا ليس تحرير الأرض فقط، بل نعمل في مشروع إسلامي متكامل للنهوض بهذه الأمة… العجلة انطلقت وهي في تطور مستمر، والهدف توسيع هذه المعاهد الشرعية ليستفيد منها أكبر عدد ممكن».
ولدى السؤال عن الكادر التدريسي ومؤهلاته العلمية، أجاب أبو يزيد «نعمل على الاستفادة من جميع الخبرات والأبواب مفتوحة للجميع، الكادر معظمه من الشباب والكفاءات العلمية التي تعمل تطوعًا»، موضحًا «بدأنا بتعليم القرآن والعلوم الشرعية للأطفال، ثم تطور الأمر إلى إدخال بعض المواد مثل اللغة العربية والإنكليزية»، في سعيٍ «لإدخال علوم الحساب والعلوم الطبيعية إن توافرت الظروف».
أشار أبو يزيد إلى المصاعب التي تواجه الفريق إذ لا يملكون سوى «عددٍ محدودٍ من الكتب»، كما أن «التنقل أحيانًا بين القرى، وبعد المتعلمين عن المعاهد، والقصف المستمر، وضعف الإمكانيات المادية لتوفير المستلزمات هي أبرز هذه العوائق».
وحول إمكانية التعاون مع مؤسسات الائتلاف الوطني التعليمية مستقبلًا، نفى أبو يزيد أي إمكانية لذلك، مؤكدًا أنهم «يعملون في مشروع متكامل ولا علاقة لهم بهذه المؤسسات»؛ ورغم أن المشروع لا يغطي سوى أعدادٍ قليلة من الأطفال المحرومين من التعليم في المنطقة إلا أن «قطاع التعليم في الحكومة المؤقتة لا يزال بعيدًا عن الاهتمام، داخل المناطق المحررة أو في دول النزوح».
ولم يقتصر مشروع الحركة على تعليم الصغار فحسب، بل توسع مؤخرًا لإقامة «دروس في الفقه والعقيدة وتحفيظ القرآن الكريم في المساجد» بحسب أبو يزيد، كما بدأت الحركة بمشروع لمساعدة الأطفال اليتامى وتأمين حوائجهم.
مشكلة أخرى تضاف إلى قوائم المشاكل الأكثر إلحاحًا في واقعنا، لكنها غالبًا لا تلقى الاهتمام الكافي، فهل يمكننا أن نتخيل ما ستنتجه السنوات العشر المقبلة، بمجتمع يحوي 3 ملايين شاب، لم يتعلموا حتى القراءة والكتابة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :