ناشطو الحراك السلمي والعسكر والحاجة لإعادة الحسابات
عنب بلدي ــ العدد 117 ـ الأحد 18/5/2014
بعد أن علا صوت الرصاص وطغى على كل أصوات مدنية وسلمية تميزت بها الثورة السورية منذ بدايتها، غدت العودة للعمل المدني المنظم والهادئ حاجة ضرورية وطبيعية، فالنشاطات السلمية تقدم رسائل هامة سريعة الوصول والتأثير مهما بلغت بساطتها، لكن غياب كل تلك النشاطات، حتى كادت أن تتلاشى، يعود لأسباب عديدة تسببت بها أطراف عدة، ويتحمل ناشطو الحراك السلمي المسؤولية الأكبر عنها.
- بداية المشكلة
بعد أن توجه جمهور كبير من الثوار في سوريا إلى حمل السلاح تزامنًا مع القمع الوحشي المتزايد، اختار الكثير من ناشطي الحراك السلمي الوقوف جانبًا وتوجيه النقد اللاذع دون أن يكترثوا لماهية الأشخاص الذين يتوجهون إليهم بالنقد، وكان لتعنتهم وتشبثهم بأفكارهم، التي بدت حينها غير منطقية، الدور الأكبر الذي أدى إلى توسيع الهوة بينهم وبين من حمل السلاح، حيث كان يفترض بهم بعد أن طغى التسليح على الثورة بشكل أو بآخر أن يأخذوا دورهم في تنظيم هذا العمل وتوجيه الدفة بالاتجاه الصحيح، وهم الأقدر على ذلك، بعد أن نالوا ثقة الثوار واكتسبوا خبرة لا يستهان بها في توجيه الجمهور ونجحوا بها لمدة ليست بالقصيرة.
- أخطاء فادحة سببها الإعراض عن المشاركة
لعل أكثر الأخطاء التي أثرت على الحراك السلمي هي محاولة النشطاء أن يكونوا كيانًا منفصلًا غير معني بالحراك المسلح، والذي بدأ بدوره بإبعادهم عن الواقع لحدّ كبير، فالسلاح انتشر في كل المناطق وصار من الصعب السيطرة عليه، ورغم ذلك بقي الناشطون متشبثين بأفكارهم ومبادئهم التي تحرم عليهم التدخل بأي شكل من أشكال العنف، رغم أنها كانت ضرورة للثورة، لكن المفاضلة هنا لم تحدث بين المبادئ والواقع والتي أتت تبعاتها كارثية على سوريا وعلى أبنائها، بينما في مناطق عدة نجح الناشطون السلميون بالمساهمة في تنظيم الأعمال العسكرية، فمنهم من انخرط بشكل مباشر ومنهم من ساهم بشكل غير مباشر، لكن إنجازاتهم في النهاية كانت مشهودة.
لم يتوقف الخطأ عند هذا الحدّ، بل تفاقم بمحاولاتهم المستمرة للعودة بالحراك السلمي حاملين ذات طريقة التفكير تجاه من حمل السلاح، فقد كان من الضروري جدًا أن يدرسوا الطريقة التي يفكر بها من حمل السلاح ويحاولوا التعاطي معه بطريقة مقبولة، والتجارب التي نجحت في مناطق عدة أكدت أن الأبواب لم تغلق في وجه من أبدى رأيه وهو بين من حملوا السلاح.
- الحاجة الماسة للعودة إلى النشاط السلمي
لا يستطيع أي ممن تابع مسيرة الثورة السورية أو شارك بها أن ينكر الدور الكبير الذي قدمه الحراك السلمي للثورة، فقد استطاع الحراك السلمي في أشهره الأولى أن يقدم أروع نماذج الثورة السلمية، وقد تمكن من إيصال رسائل قوية للداخل والخارج بأساليب بسيطة ومميزة، فمثال قارورة الماء والوردة الحمراء لا يزال حتى اليوم يكتب بكل عنوان للحراك السلمي، فتلك الومضات البسيطة في تاريخ الثورة مازالت تبعث روحًا جديدة ودفعة معنوية لا يستهان بها لدى الثوار، فأغنية بسيطة من مخيم اليرموك على أنغام البيانو أعادت كل من شاهدها إلى ذكرى الأيام الجميلة التي رافقت بداية الثورة، فالمشهد السوري امتلأ خلال السنتين الماضيتين بصور القتل والدمار والرصاص، وكان لابد من مشاهد ونفحات جديدة تذكر السوريين بالهدف والغاية التي خرجوا من أجلها. فهلّا عاد النشاط السلمي إلى شوارع الثورة التي امتلأت بالركام والدماء، وهلّا قدم السلميون أنفسهم من جديد إلى الثورة جنبًا إلى جنب مع المقاتلين الذين صار حملهم للسلاح ضرورة لحماية ما تبقى من أهداف الثورة؟
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :