مواجهات ربما تستمر لأشهر

خريفٌ “أسود” ينتظر دير الزور وشتاؤها مجهول المعالم

camera iconقوات الأسد خلال معارك دير الزور - أيلول 2017 (فيس بوك)

tag icon ع ع ع

أورفة – برهان عثمان

“سيطرة النظام على مدينة دير الزور خيار سيئ ولكنه يبقى أفضل من دخول التنظيم”، يقول تيسير (42 عامًا)، الذي يقطن في حي القصور الخاضع لسيطرة قوات الأسد منذ سنوات، متحدثًا عن معاناة “كبيرة” أفقدت المدينة مقومات الحياة.

ويرى الشاب في حديثه لعنب بلدي، أن دير الزور “متعبة بشطريها، وتبحث عن وسيلة للخلاص”، مؤكدًا أن تزايد زخم المعارك بعد فك قوات الأسد حصارها، خلال معارك مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، قبل أيام، “فرحة ولكن ليست مكتملة”.

ويؤكد ناشطون من المدينة وصول تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، متمثلة بعناصر من “حزب الله” اللبناني، وقوات “الحرس الجمهوري”، إضافة إلى المئات من مقاتلي “لواء القدس” الذي يعمل للمرة الأولى، بعيدًا عن محيط حلب، ووصل مؤخرًا مع القوات السابقة.

معركة طويلة

 ضمت الأحياء التي يسيطر عليها النظام حاليًا قرابة 400 ألف نسمة، تضاءلت منذ بداية الحصار في الأشهر الأولى من عام 2015، إلى حوالي 70 ألفًا، وفق إحصائيات “الهلال الأحمر السوري”، نزح قسمٌ منهم خلال الفترة الماضية.

يرى تيسير أن معركة النظام في دير الزور، ستطول لأشهر، “لأن التنظيم حصّن نفسه جيدًا في الأحياء التي يسيطر عليها داخل المدينة”، مرجحًا حصار المدينة واستمرار قصفها “في سبيل إرغام عناصر التنظيم على الخروج منها”.

ويعتقد الشاب أن روسيا هي من يدير معركة دير الزور، ويتحدث عن اجتماعات مع الميليشيات العشائرية في المنطقة، والقوى التي تقاتل إلى جانب قوات الأسد، ويقول إنها جرت “بإشراف روسي مباشر”.

وعلى الضفة الأخرى من دير الزور، داخل الأحياء التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة” يجزم أبو أحمد (67 عامًا)، أن الأهالي بدأوا يستشعرون خطر النظام الذي يقترب، مقدرًا أعداد القاطنين في مناطق سيطرة التنظيم، بحوالي خمسة آلاف نسمة، بينهم عوائل المقاتلين المحليين والمهاجرين، الذين يشكل العراقيون والطاجيك والأوزبك والتونسيون النسبة الأكبر منهم، على حد وصفه.

“كثيرون حملوا ما خف من أمتعتهم ورحلوا إلى قرى ومدن الريف الشرقي، علها تكون أكثر أمنًا لهم ولعوائلهم”، كما يقول الستيني لعنب بلدي، الذي خرج بدوره مع عائلته المكونة من سبعة أفراد، إلى مدينة البوكمال، “لتكون مكانًا مؤقتًا يستقر فيه”، وفق تعبيره.

يتحدث أبو أحمد عن “قصف ودمار وخوف وفقر”، صورٌ عايشها لدى خروجه من المدينة، “التي تغيرت كثيرًا وضاعت معالمها”، ويرى أن “الخريف سيمر أسوَد على المدينة، ويتبعه الشتاء، الذي سيدق لاحقًا أبوابها، مجهول المعالم”.

ونزح الآلاف من المدينة إلى الريف المجاور، ليس فقط تحت وطأة معارك قوات الأسد والميليشيات الرديفة، بل مع بدء تحرك “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، نحو المحافظة.

صدع متسع

مع تسارع وتيرة العمليات العسكرية على الأرض، تشهد العلاقات الاجتماعية بين الأهالي مزيدًا من التصدع بحسب مناطق انتشارهم، كما تقول أم خليل (38 عامًا)، التي عملت كمرشدة نفسية في إحدى مدارس المدينة.

وتؤكد أن “الشرخ الاجتماعي يتوسع مع التطورات السياسية والعسكرية”، واصفةً ما يحدث بأنه “دمار إنساني للنسيج الممتد في مختلف البقاع التي ينتشر فيها أبناء دير الزور”، متحدثة عن قطع علاقات عائلية إثر المواقف السياسية “المشاكل تصاعدت وتيرتها داخل البيت الواحد”.

تصف أم خليل ما يجري بأنها “هزات اجتماعية”، وتقول لعنب بلدي إنها “خطيرة على تجانس المجتمع فيما بعد وتؤدي إلى مشكلات كثيرة، فالمنطقة لن تشهد استقرارًا حتى لو سيطر أحد الأطراف المتنازعة عليها، فنسيان ما حدث خلال السنوات الماضية صعب”.

يتفق من بقي من أهالي دير الزور على شعورهم بالغربة بين شطري المدينة، وفي ظل توافد “الغرباء” إلى مدينتهم، ويعتقد البعض أن المعارك لن تنتهي بسيطرة النظام على المدينة، “التي ستشهد حرب عصابات وربما مقاومة شعبية قد تمتد لفترة طويلة”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة