التنظيم محاصر في مثلث القوات العراقية- السورية- قسد

  • 2017/09/10
  • 12:34 ص

مقاتلون من قوات الأسد يكسرون حصار دير الزور بعد انسحاب تنظيم "الدولة" - 5 أيلول 2017 (سبوتنيك)

براء الطه

كان لاتفاق مناطق تخفيف التوتر، الذي دعمته روسيا، أثر واضح في سير المعارك على الأرض وتعزيز الموقف السياسي للنظام السوري على حساب المعارضة وداعميها، عن طريق تحرير تشكيلات عسكرية ضخمة اقتصرت مهمتها فيما مضى على عمليات الدفاع والتثبيت، لتتحول بفضل الاتفاق إلى قوات اقتحام وهجوم.

هذا التغير أثر كثيرًا في مجريات الحراك العسكري على الأرض عبر تعزيز قوات النظام على حساب فصائل المعارضة التي تم تثبيتها جغرافيًا وتخفيض دعمها المالي والعسكري، في رغبة واضحة من الأطراف الدولية لإضعافها وتحجيم قدراتها وتقديم دعم دبلوماسي وإعلامي واضح للنظام، تجلى أخيرًا بتصريح دي مستورا عن انتصار النظام في الحرب وخسارة المعارضة، تصريح بدا فيه المندوب الأممي وقد تخلى عن حياده المفترض في بحثه عن التسوية وانحاز إلى جانب النظام.

وبذلك أصبح أكثر من 86 ألف كيلومتر مربع من سوريا تحت سيطرة النظام وحلفائه، أي ما يقارب نصف مساحتها بما تتضمنه من أهمية عسكرية وسياسية واقتصادية.

ومع وصول وحدات الجيش والقوات الرديفة إلى مدينة دير الزور، أصبح بإمكاننا القول إن النظام السوري استطاع لملمة الجغرافيا السورية عن طريق ربط الشمال مع الشرق والجنوب والغرب (حلب، دمشق، دير الزور، اللاذقية) ليصل بذلك النهر بالبحر.

مع دعم دولي تجلى بالصمت الدولي لمن يفترض أنهم مجموعة أصدقاء سوريا الدوليين (خاصة فرنسا، بريطانيا، أمريكا) ودعم إقليمي من بلدان الجوار التي ادعت دعمها للشعب السوري (تركيا، الأردن).

التقدم الأخير لقوات النظام كان في البادية والشرق السوري، وأوضحت الخريطة الجديدة توزع القوى في المنطقة كما يريدها المجتمع الدولي الذي أعطى الأفضلية لكل من الجيش السوري وقوات “سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتجلى ذلك ميدانيًا في الوصول إلى دير الزور وفك الحصار عنها.

أما ميدانيًا فإن خط تقدم الجيش والقوات الرديفة له في دير الزور خلال المرحلة المقبلة، وبعد الانتهاء من فك الحصار عن مطار المحافظة، سيكون حسب ما يلي:

  • المحور الأول من خلاله يسيطر على الجيب الواقع بين دير الزور ومدينة معدان في أقصى غرب المحافظة بمساحة تقدر بألفي كيلومتر مربع. وذلك لضمان الخطوط الخلفية لقواته وتشكيل جبهة استناد لبدء معارك الريف الشرقي.
    الملفت هو نوع التعزيزات التي استقدمها الجيش لقواته في دير الزور، والتي كان من ضمنها زوارق وجسور حربية، والتي قد تستخدم في حال تقرر العبور إلى الضفة المقابلة، ومن المرجح أن تكون عبر نقطتين: الأولى انطلاقًا من مدينة دير الزور باتجاه قرى الجنينة، والثانية منطقة الكسرة وذلك لتطويق جيب يمتد بين النقطتين بعمق بادية أبو خشب، لقطع الطريق على قوات سوريا الديمقراطية ومنعها من التقدم شرقًا باتجاه قرى الصالحية وحطلة.
    فيما يعمل النظام على الاستفادة من القيادات العشائرية التي مازال لها ثقل كبير في مناطق الريف الغربي، وذلك لتسهيل مهمة السيطرة عليها وتحقيق أكبر قدر من المكاسب وبأقل الخسائر البشرية والمادية.
  • المحور الثاني لتحركات قوات النظام سيكون من منطقة (حميمة)، والتي من المتوقع أن تنطلق المعارك فيها بعد الانتهاء من اتفاق الحدود السورية الأردنية، حيث ستكون محطة T2 أولى النقاط التي يهتم النظام بالسيطرة عليها، ليتم بعدها تقسيم العمل باتجاهين الأول باتجاه محطة الورد في بادية البوكمال، والثاني إلى مدينة الميادين.

وبذلك يتم تقسيم بادية دير الزور إلى ثلاثة قطاعات، الأول بين مدينة دير الزور والميادين، أما الثاني فهو بين الميادين ومحطة الورد، فيما يكون الثالث باتجاه الحدود العراقية انطلاقًا من محطة الورد، والذي لا بد للنظام من انتظار تقدم القوات العراقية نحو الحدود لحمايته من الخلف.

فيما تصبح المنطقة الواقعة جنوب مدينة السخنة حتى حميمة بحكم الساقطة عسكريًا بانتظار إخلائها من قبل التنظيم، نتيجة للإطباق عليها من قبل محاور دير الزور.

ويبقى التحرك في القسم الشمالي (شمال نهر الفرات) للمحافظة مكتنفًا بالغموض حيث تسعى عدة قوى للسيطرة عليه لما فيه من مناطق زراعية وحقول نفط وغاز، والأنابيب الناقلة لهما وهو مهم على المستوى السوري والإقليمي والدولي.

أخيرًا، وفي حين تتنافس الأطراف المتصارعة على المكاسب على الأرض، يتقاسم أهالي المنطقة الموت والخراب والخوف.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي