«بــاولا» رسائل ذاتية ويوميات شخصية
عنب بلدي ــ العدد 117 ـ الأحد 18/5/2014
رواية باولا هي مجموعة رسائل ذاتية ويوميات شخصية كتبتها «إيزابيل ألليندي» لابنتها الشابة باولا، محاولةً تأريخ الأحداث التي مرت بها عائلتها وأجدادها كذاكرة أخرى لابنتها التي تغط في غيبوبة طويلة، حتى لا تتلاشى ذكرياتها إلى الأبد في حال يقظتها مهما طال أمد نومها. وعلى هذا نحن بصحبة خطّين متوازيين ومتداخلين على طول الرواية: الماضي، والحاضر.
الماضي بتذكّر وقصّ الأحداث والذكريات الشخصية -والأمر هنا أشبه بالسيرة الذاتية ويذكرنا بكتابات حنا مينة بشكل كبير-، والحاضر بمتابعة حالة باولا الصحية ووصف مشاعر إيزابيل كأم وما يجري حولهما ومحاولتها لفعل المستحيل لشفائها «وعودة الذكاء إلى عينيها».
تنقلت إيزابيل ألليندي بين الماضي والحاضر ببراعة، سلاسة مميزة وانسيابية لا تشعر معها بالضجر أو بأنك تقرأ في زمنين منفصلين.
من أهم الأجزاء في الرواية هو وصف سنوات الانقلاب العسكري والحرب التي عاشتها تشيلي، سبعة عشر عامًا من حكم العسكر والانتهاكات والاعتقالات التعسفية، النزوح والهجرة من البلاد، القتل بدم بارد طيلة سنوات سوداء من عمر القارة اللاتينية -التي كانت تمر بظروف مشابهة-، وأساليب التحايل على الرقابة ومساعدة المضطهدين وتهريب المطلوبين من الحدود.
الرواية من جانب آخر تترجم برقّة بالغة، وبصمود عظيم، مشاعر أم تصارع وتبكي وتصلي وتكتب لتفتح ابنتها عينيها، رهافة الإحساس والقدرة على ترجمته بشكل إنساني نبيل ودقيق كانا من جميل ما ميّز الرواية، سنة كاملة من الغيبوبة، سنة كاملة من الصبر والاهتمام المخلص بجسد لا يستجيب. الرواية مترعة بمشاعر الحب غير المشروط، الصادق والشفاف.. تجعل القارئ يتفاعل ويتأثر بشدة مع السكينة والتصالح الذين قابلت بهما إيزابيل موت ابنتها، لتخلص إلى نتيجة ربما نحتاجها جميعًا: أن الموت ولادة أخرى.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :