يبتعد الكاتب والروائي الفرنسي، غيوم ميسّو، عن التصنيفات التي يمكن أن يندرج تحتها أيّ روائي، وفقًا لاعتبارات عدة تتعلق بنمط الكتابة والأسلوب الأدبي الذي يعتمده، حتى إنّ بعض النقّاد الفرنسيين الذي حاروا بأمره رفضوا أن يطلقوا عليه لقب “كاتب”.
في قراءة لإحدى روايات ميسّو، التي تعتبر روايات طويلة، ستكون بساطة الأسلوب أوّل ما يمكن أن يلاحظه القارئ، كما أنّ طريقة السرد المميزة تعدّ ميّزة الكاتب في شدّ قرّائه لإتمام الرواية حتى النهاية.
وإن كان من المجحف تشبيه أسلوب الجذب في روايات الكاتب الفرنسي بذلك المتبع في قصص الجيب البوليسية، إلا أن ذلك يمكن أن يحُسب له على اعتبار أنه يجيد توظيف لغة التشويق في حبكات تقترب من الدرامية تارة، ومن البوليسية تارةً أخرى، وقد تذهب في بعض الأحيان إلى ملامسة قصص الخيال العلمي.
لغيوم ميسّو عشر روايات معظمها مترجم إلى اللغة العربية، وفي عام 2012 باع مليونًا و700 ألف نسخة من رواياته، الأمر الذي وضعه على رأس قائمة أكثر الكتّاب انتشارًا في فرنسا.
ما إن أصدر ميسّو روايته الأولى “وبعد” عام 2004 حتى بدأ صيته ينتشر بشكل كبير في الأوساط العالمية، إذ تمكنت الرواية التي ترجمت إلى 20 لغة من اختبار تناقض الموت والحياة، ومعايشة أثر كل منهما على الفرد والعلاقات الإنسانيّة.
تدور أحداث الرواية الواقعة في 382 كلمة حول محام شهير ولامع غارق في حياة الترف والبذخ، يلتقي بطبيب يقلب حياته رأسًا على عقب، ويأخذه من حياته الممهورة بالمادّيات، إلى ملامسة خيال الموت والفقد.
وتخلق الرواية عند القارئ تساؤلات كثيرة عن موقع زوجة المحامي السابقة وعلاقتها بالحبكة القصصية، الأمر الذي يجعلها المفتاح لاكتشاف الغموض، ويفصح عن الخيوط الخفية للحبكة، ما يجعل تداخل العلاقات الإنسانية رقمًا صعبًا في معادلات الموت والحياة لدى بطل الرواية.
ذلك التداخل الذي يفضي إلى ترتيب الأحداث بطريقة مذهلة، هو ما يصبغ مختلف روايات ميسّو مثل (لأنني أحبك، أنقذني، فتاة من الورق) وغيرها بتميّز مستمد من تجربة الكاتب الذي يبلغ من العمر 43 عامًا، ويعكس طموحه بأن “تكون قدماه على الأرض ورأسه في النجوم”.