وعندك دكتوراه مزورة يا ولد

  • 2017/09/03
  • 1:04 ص
خطيب بدلة

خطيب بدلة

خطيب بدلة

العار لحق بنظام الأسد حينما اكتشفَ وزيرُ داخليته محمد الشعار أن في البلد عصابة لتزوير الوثائق الحكومية لديها 152 “ختمًا” لمؤسسات الدولة المختلفة. (المصدر: عنب بلدي).

يجري التزوير، بحسب ما سَرَّبَ لنا أحدُ العارفين، بطريقة سلسة. فإذا كان الزبون يريد شهادة علمية مزورة، مثلًا، يصيح رئيسُ العصابة بعناصره: وعندك واحد علوم يا ولد! فيستفسر الولد: علوم شو معلم؟ براءة اختراع يعني؟ فيقول له: تعليم عالي يا جحش! ويلتفت إلى الزبون ويسأله: ليسانس بيكفي يا حبيب؟ فيقول الزبون: إذا ما بيصير لكم غَلَبة عَطُوني دكتوراه، بالمرة. فيضحك المعلم ويقول له: الحق معك سيد راسي، الليسانس بهالإيام مو جايب هَمّو.

وبعد الأخذ والعطي، يتفقان على الفرع المطلوب، والاختصاص، ومرتبة التخرج، والسعر النهائي، ووقتها يصيح رئيس العصابة بمساعديه: هاتوا لي دكتوراه إدارة أعمال بمرتبة جيد جدًا يا شباب. فيعطونه ورقة الشهادة التي عولجت بالفوتوشوب، وأُدْخِلَتْ عليها تفاصيل هوية الزبون، فيدق عليها الختم بقوة، ويقول للزبون: آية الرزق، ان شالله تشوف على وجّا الخير.

شعر النظام المذكور بالعار، وقرر تشديد الإجراءات الروتينية على معاملات المواطنين لحمايتهم من الغش والتدليس ولعب الكشاتبين، وأوضح “الشعار” أن التزوير سيُكْشَف عبر بصمات اليد وقزحية العين وصورة الوجه. وأضاف أن بعض المخاتير قد ضُبطوا وهم يمارسون التزوير بوضع بيانات لأشخاص عليها صور أشخاص آخرين!

استدعت طريقة التزوير الهزلية التي تحدث عنها الوزير إلى ذاكرتنا تمثيلية قديمة كتبها القصاص الشعبي حكمت محسن، وفيها “أبو فهمي” يتشاجر مع المصور لأنه أعطاه صورة لشخص آخر بشع، دميم، ذي شفاتير كبراطيم الجمل، ومنخار كبير، وعينين ممعوستين.. وبعد طول جدال أثبت المصور لأبي فهمي أن الشخص الموجود في الصورة، هو أبو فهمي نفسه! ولكن الإنسان عادة يحاول التبرؤ من البشاعة، ويطلب من المصور إعطاءه نسخة مزورة، مُجَمَّلة عنه.

إن نظام الأسد، حقيقة، ذو تاريخ طويل في كشف الغش والتدليس، ولذلك لا يمكن إحصاء عدد الأوراق الثبوتية التي تُطْلَبُ من المواطن السوري عندما يريد أن ينجز أي نوع من المعاملات إضافة إلى الإجراءات السرية التي من شأنها الحفاظ على مصلحة الوطن.. فذات يوم، في إحدى القطعات العسكرية، كان ثمة استفتاء رئاسي لتجديد البيعة لحافييظ. يومها طلب أحدُ الضباط من عناصره، وعددهم مئة، أن يدخلوا تباعًا إلى الغرفة السرية ويعطوا رأيهم بالقائد، بلا إكراه، وأثناء الفرز كان عدد الذين قالوا نعم 99، وواحد قال لا.

استطاعت قيادة القطعة العسكرية معرفة الجاني خلال زمن قياسي، وقُبض عليه، وأحيل إلى سجن تدمر العسكري.. حصل هذا بفضل الإجراءات الاحترازية غير المرئية التي كانت متبعة في الوحدات العسكرية في أوقات الاستفتاءات، ولولاها لأفلت المجرم الذي قال “لا” للقائد من العقاب، ولأصبح بمقدور الذي يسوى والذي ما يسواش من العساكر أن يقول “لا” ثم يمضي في حال سبيله.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي