عنب بلدي – خاص
دخلت معارك قوات الأسد والميليشيات المساندة لها ضد تنظيم “الدولة” في سوريا مرحلة جديدة، تتركز حاليًا في محافظة دير الزور، وذلك بعد الانحسار الكبير لنفوذ التنظيم في المنطقة الوسطى شرق حماة وحمص، وريف الرقة الجنوبي الشرقي، ليوجه النظام السوري الثقل العسكري نحو “ولاية الخير”، كما يطلق عليها التنظيم، وهي المعقل الأبرز له بعد الرقة.
وخلال الأسبوع الماضي اجتازت قوات الأسد الحدود الإدارية لدير الزور من الجهة الغربية، انطلاقًا من محور مدينة السخنة في ريف حمص الشرقي، والتي سيطرت عليها مطلع آب 2017 الجاري، وتحاول الوصول إلى “اللواء 137” التابع لقوات الأسد والمحاصر من قبل التنظيم غرب المدينة.
ولا يمكن فصل التطورات العسكرية في دير الزور، عن المواجهات العسكرية في ريف حماة، إذ استطاعت قوات الأسد أن تقطع طرق إمداد التنظيم بين المنطقتين في أواخر آب الماضي، الأمر الذي ساعد على تشتّت قدرات تنظيم “الدولة” العسكرية، وصولًا إلى وضعها الراهن.
50 كيلومترًا لفك الحصار
وبحسب ما تظهره خريطة السيطرة الميدانية وصلت قوات الأسد إلى مواقع تبعد نحو 50 كيلومترًا عن المناطق الخاضعة لسيطرته في مركز المحافظة.
وقال “الإعلام الحربي المركزي” التابع لقوات الأسد، الجمعة 1 أيلول، إن “الجيش السوري يواصل، وبإسناد من حوامات الدعم الناري، عملياته في عمق البادية، ويسيطر على مساحات جديدة ويصل الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور من اتجاه السخنة”.
وأضاف أن التقدم جاء بعد السيطرة على منطقة بجبهة 12 كيلومترًا، وعمق أربعة كيلومترات شمال قرية منوخ شرق حمص.
ولم يعلق تنظيم “الدولة” على التقدم، وتركزت إعلاناته في الأيام الماضية على المعارك الدائرة في مدينة الرقة وريفها.
ويسيطر التنظيم على معظم محافظة دير الزور، بينما تحتفظ قوات الأسد بأحياء داخل المدينة والمطار العسكري.
واستأنفت قوات الأسد عملياتها في ريف حمص الشرقي باتجاه دير الزور بعد توقف استمر لأيام، على خلفية معارك ريف حماة الشرقي.
وتدعم القوات الروسية عمليات الأسد على الأرض، من خلال تغطية جوية مكثفة على نقاط الاشتباك الأولى.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن “الجيش السوري بدعم من الطيران الروسي، يتقدم بنجاح باتجاه دير الزور لفك الحصار عنها، وسيكون تحريرها بمثابة هزيمة استراتيجية لتنظيم داعش”.
وقالت إن الطائرات الروسية “سو 34″ و”سو 35″ دمرت الأهداف التابعة للتنظيم بعد أن تم رصدها، إذ يستغرق تحديد الأهداف وتدميرها عدة دقائق”.
وأضافت أن “الطيران الروسي استهدف موكبًا لداعش على طريق دير الزور- الرصافة، مؤلفًا من 12 شاحنة محملة بالذخائر والأسلحة، فضلًا عن تدمير سيارات محملة برشاشات ثقيلة ومدافع مضادة للطائرات وقذائف الهاون”.
كر وفر في عقيربات
ناحية عقيربات شهدت السجال الأكبر بين الأسد والتنظيم شرق حماة، وتحولت في الأيام القليلة الماضية إلى خط مواجهة، بعد السيطرة على القرى المحيطة بها، وأبرزها الرويضة وخضيرة والمعضمية وجروح، من قبل قوات الأسد، المدعومة بتغطية جوية من الطيران الروسي.
وبحسب خريطة السيطرة يتركز تقدم قوات الأسد شرق حماة من أربعة محاور، الأول ينطلق من جهة قرية صلبا، والثاني من منطقة الحردانة وأم ميل، أما الثالث فانطلاقًا من قرية أم العلايا، إضافةً إلى محور رابع من الجهة الجنوبية الشرقية لعقيربات.
وذكرت وسائل إعلام النظام أن “الجيش” دخل عقيربات ويقوم بعمليات التمشيط، وإزالة الألغام، إلا أن التنظيم نفى الانسحاب من المنطقة، وأعلن عبر وكالته الرسمية “أعماق” قتل العشرات من قوات الأسد، عن طريق استهدافهم بالسيارات المفخخة.
وتخضع المنطقة لسيطرة تنظيم “الدولة” منذ عام 2014، وتقع في العمق السوري، وتمتد من الريف الشرقي لمدينة السلمية وصولًا إلى الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، وتحاذي منطقة “البلعاس” الخاضعة للتنظيم أيضًا في ريف حمص من المحور الجنوبي.
وشكّلت منطلقًا لهجمات التنظيم باتجاه بلدات منطقة السلمية منذ عام 2014، وكان أكثر الأحداث دموية الهجوم المباغت على بلدة المبعوجة مطلع نيسان 2015، وخلّف ما لا يقل عن 60 قتيلًا وعشرات الجرحى، عدا عن أسرى ومفقودين.
وتكررت الحادثة بعد عامين، وتحديدًا في 18 أيار الماضي، حين هاجم التنظيم قرية عقارب الصافية ونفذ مجزرة أودت بحياة نحو 60 قتيلًا أيضًا، بينهم مدنيون وعسكريون في قوات الأسد.
وتعود أهمية عقيربات الاستراتيجية لكونها شكّلت نقطة التقاء جغرافي بمناطق التنظيم في محافظات حلب والرقة وحمص، كما تعتبر المتنفس الوحيد لتنظيم “الدولة” في المنطقة.
ما مصير المدنيين؟
وتغيب المعلومات عن المدنيين المحاصرين في المنطقة، والذين يبلغ عددهم الآلاف، وسط مخاوف من ارتكاب مجازر بحقهم من قبل قوات الأسد والميليشيات الأجنبية المساندة لها.
وفي بيان حصلت عليه عنب بلدي ناشد المجلس المحلي في الناحية جميع المنظمات الدولية والإنسانية ومنظمات حقوق الانسان ومجلس الأمن لـ “القيام بواجباتهم تجاه هذه المذبحة بحق المدنيين”.
وأضاف أنه “منذ انطلاق الحملة العسكرية الهمجية لقوات النظام وحلفائه تم إحصاء مئات الشهداء والجرحى وجميعهم من المدنيين العزل”.
ويبلغ عدد سكان المنطقة المحاصرة 50 ألف مدني، نزح منهم 35 ألفًا، وبقي 15 ألفًا، بمساحة ألفين و688 كيلومترًا مربعًا.