د. أكرم خولاني
يشعر الإنسان بالخوف عندما يواجه شيئًا غير معروف أو شيئًا يجعله يشعر بعدم الارتياح، وربما يكون هذا الخوف شديدًا جدًا لدرجة الهلع والذعر، فالجهاز العصبي يملك استجابة للتهديدات الحقيقية أو المحتملة ويكون متأهبًا للقتال أو الفرار، وحين يكون هذا الشعور مفهومًا ومبررًا فإنه يكون طبيعيًا ويمضي بسرعة، ولكن في بعض الأحيان يصاب بعض الناس بموجات شديدة من الخوف غير المبرر، وهذه حالة مرضية تسمى نوبات الهلع (panic attacks).
ما هي نوبة الهلع؟
عبارة عن نوبة مفاجئة من الخوف الشديد من الموت أو فقدان الوعي أو العقل تترافق مع أعراض جسمية مشابهة للنوبة القلبية، تحدث النوبة في أي وقت، ودون سبب واضح، ودون أي سابق إنذار، فقد تحدث حتى عندما يكون المريض مسترخيًا أو نائمًا.
ويصاب 15% من الناس بنوبات الهلع، لكن بعضهم تصيبه نوبة هلع مرة واحدة في العمر، وآخرون يصابون بها بين الحين والآخر، والبعض يصابون بهذه النوبات بشكل يومي، وقد تتكرر نوب الهلع بشكل منفرد فتسمى “اضطراب الهلع” (عندما تتكرر مرة كل شهر على الأقل).
وقد تكون ضمن اضطرابات نفسية أخرى كاضطراب الرهاب الاجتماعي أو الاكتئاب أو الوسواس القهري.ويصيب اضطراب الهلع 3-5% من الناس، ويحدث عند النساء مرتين أكثر من الرجال، ويبدأ غالبًا في سن الثلاثين من العمر، ونسبة 30% من المرضى تشفى و45% تعاني من نوبات متباعدة و21% تعاني من انتكاسات وتكرار ويتحول لمرض مزمن.
ما أعراض نوبة الهلع؟
تتطور الأعراض فجأة، وتصل ذروتها في غضون عشر دقائق، وتنتهي في غضون 20 إلى 30 دقيقة، ونادرًا ما تستمر لأكثر من ساعة، وتشمل نوبة الهلع الكاملة مزيجًا من العلامات والأعراض التالية:
- ضربات قلب سريعة (خفقان).
- تعرق.
- اهتزاز باليد ورعشة.
- إحساس بالاختناق وضيق وسرعة في التنفس.
- ألم في الصدر على شكل قبضة.
- شعور بالغثيان وتقلب المعدة.
- شعور بالدوخة أو الدوار أو الإغماء.
- إحساس بالتنميل أو الخدر.
- هبات ساخنة.
- الشعور بالقرب من الموت وفقدان التحكم في المشاعر والشعور بالغربة عن النفس وعن الواقع المحيط.
قد تحدث واحدة أو أكثر من نوبات الهلع، ويكون الوضع طبيعيًا تمامًا في حال غياب هذه النوبات، ولكن عند تكرار النوب يحدث اضطراب الهلع والذي يتميز بالقلق الاستباقي (الشعور بالقلق بين النوبات وينبع هذا القلق من الخوف من حدوث نوبات هلع في المستقبل) ورهاب الساح (تجنب بعض المواقف أو البيئات، حيث يشعر المريض أن تجنب هذه الأماكن قد يحميه من حدوث نوبات الهلع).
ما أسباب الإصابة بنوبات الهلع؟
على الرغم من أن الأسباب الحقيقية لنوبات الهلع غير واضحة، لكن يبدو أن هناك علاقة بينها وبين التحولات الكبرى في الحياة، مثل التخرج من الجامعة ودخول أماكن العمل، والزواج، وإنجاب طفل، وكذلك الإجهاد النفسي الشديد، مثل وفاة أحد أفراد الأسرة والطلاق و فقدان الوظيفة.
كذلك فإن الأسباب الوراثية العائلية تمثل جزءًا كبيرًا، إذ إن الاضطراب يزيد من 3 إلى 6 مرات في الأسر التي فيها شخص مصاب.
كيف تُشخّص نوبة الهلع؟
نوبة الهلع هي نوبة من خوف شديد وإحساس بعدم الارتياح ومعه أربعة أعراض على الأقل من الأعراض العشرة التي ذكرناها أعلاه.
ولكن يجب نفي بعض الحالات التي يمكن أن تشابه أعراضها أعراض نوبة الهلع، وأهم هذه الحالات:
- ارتفاع ضغط الدم.
- تعاطي المنشطات (أمفيتامين، كوكائين…).
- تناول كميات كبيرة من الكافيين.
- التوقف عن تعاطي دواء معين.
- مشاكل الغدة الدرقية.
- انخفاض معدل السكر في الدم.
- الحمل.
- القولون العصبي وانتفاخ الأمعاء.
كيف تعالج نوبات الهلع؟
يعتبر العلاج السلوكي المعرفي الوسيلة الأكثر فعالية لعلاج نوبات الهلع، عن طريق إجراء جلسات أسبوعية بهدف تعديل أفكار المريض التي تتسبب بحدوث النوبات لديه.
تعديل بعض السلوكيات اليومية، كتجنب الكحول والتدخين والكافيين، وممارسة الرياضة بشكل منتظم، والنوم الكافي المريح لمدة لا تقل عن ثماني ساعات يوميًا.
محاولة السيطرة على التنفس أثناء النوبة، عن طريق أخذ أنفاس بطيئة (شهيق لمدة 2 إلى 3 ثوان، يليها الزفير لمدة 7 إلى 9 ثوان) فهذا سيساعد على استعادة حالة التنفس الطبيعية.
ممارسة تمارين الاسترخاء، مثل اليوغا والتأمل واسترخاء العضلات.
وفي الحالات الشديدة يتم اللجوء إلى العلاج الدوائي، مع التأكيد أنه يجب ألا يكون هو العلاج الوحيد، ويتضمن:
- مضادات الاكتئاب: تستغرق عدة أسابيع قبل أن تبدأ في العمل، لذلك يجب أخذها بشكل مستمر ولفترة طويلة.
- البنزوديازبينات: وهي الأدوية المضادة للقلق التي تعمل بشكل سريع جدًا (عادة في غضون 30 دقيقة إلى ساعة)، وتؤخذ لفترة أسبوعين عند بدء العلاج، ويمكن أخذها عند حدوث نوبة الهلع.
أخيرًا.. ننبه إلى أن أعراض نوبة الهلع مشابهة لأعراض النوبة القلبية، لذلك وقبل الحكم بأنها نوبة هلع يجب إجراء الفحوصات اللازمة للتأكد إذا كانت الأعراض ناتجة عن نوبة هلع أو نوبة قلبية حقيقية.