عنب بلدي – درعا
عامٌ جديد يمر على “أبو هيثم” وزجته من ريف درعا، دون الوصول إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، فغياب المعابر الرسمية والتوقف الكامل لحركة المسافرين بين سوريا والأردن، حال بين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة جنوبًا، وبين الوصول والانضمام إلى وفود الحجيج السوريين المغادرين إلى مكة المكرمة.
واكتفى أبو هيثم ومئات المدنيين في درعا بمشاهدة الحجيج عبر التلفاز، والانتظار حتى العام المقبل.
قال أبو هيثم إنه تواصل مع العديد من منظمي حملات الحج في الأردن، إلا أنهم اعتذروا وبرروا الأمر بأنهم لا يستطيعون تقديم أي مساعدة للراغبين بالحج في درعا، إلا بعد وصولهم إلى الأردن أو أي دولة مجاورة.
وأضاف لعنب بلدي أن “الطريق نحو تركيا تقطعه المعارك المندلعة في البادية والشمال السوري، بينما يستلزم الوصول إلى لبنان المرور بمناطق سيطرة النظام، وما يعترضه من خطر الاعتقال التعسفي والعشوائي”، مشيرًا إلى أنه “لم يبق أي حلّ إلا البحث عن طريق للوصول إلى الأردن”.
وأوضح أن “المعضلة الأساسية أمام كثيرٍ من أهالي المناطق الخاضعة للمعارضة جنوبًا، ليست في الحصول على تأشيرة الحج، والتكاليف المرتفعة، والحصول على جواز سفر، بل تكمن في تجاوز الحدود الأردنية”.
ومنذ سيطرة فصائل المعارضة على جمارك درعا القديم، أيلول 2013، والسيطرة لاحقًا على معبر نصيب، نيسان 2015، رفضت السلطات الأردنية أي تعامل مع هيئات المعارضة، رغم كل ما قدمته هذه الهيئات من ضمانات وتنازلات، لتصبح الحدود بين الطرفين مغلقة أمام الحركة الرسمية، مكتفية بالمعابر غير الشرعية، التي يعتبر المرور من خلالها غير متاح للكثيرين.
“بعد البحث، أرشدني أحد الأصدقاء نحو قيادي في إحدى الفصائل، بإمكانه مساعدتي في عبور الحدود”، أضاف أبو هيثم، متفاجئًا من أن الأمر يحتاج لدفع مبالغ مالية كبيرة.
وأوضح أنه رفض العرض، “من غير المعقول الذهاب إلى الحج بالرشوة (…) أستغرب من بعض قادة الفصائل والمحسوبين عليهم، الذين عبروا الحدود بسهولة، للذهاب وأداء مناسك الحج”.
وتساءل الرجل “هل بات الوصول لبيت الله الحرام، يحتاج لوساطة ورشوة؟”، مواسيًا نفسه بأنه سعى لكنه “لم يستطع إلى الحج سبيلًا”.
لا تواصل مع الأردن والسعودية
من جانبهم، لم يستطع القائمون على الأوقاف الإسلامية في مناطق سيطرة المعارضة في درعا، تقديم أي حلول، “نظرًا للصعوبات الكبيرة التي تحيط بهذا الموضوع”، بحسب الشيخ فيصل أبازيد، أحد وجهاء وأئمة درعا.
وقال أبازيد إن “التكاليف المرتفعة للحج، وصعوبات الحصول على جواز السفر، وعدم وجود أي معبر مع الأردن، من أبرز العقبات التي تواجه أهالي درعا”.
وأوضح في حديث لعنب بلدي أن “الدول المعنية لم تقّدم أي وساطات أو مبادرات، مع الدول المعنية بهذا الموضوع، كالأردن والسعودية، لإزالة العقبات أمام الحجاج”.
وأشار إلى أن هذا الموضوع لم يتم بحثه مع أي جهة، “ونأمل أن يتم بحث الأمر مع الخارج، لتأمين الحج لأهلنا في الداخل، خلال الفترة القادمة”.
رغم أن رعاية شؤون الحجاج السوريين أُوكلت إلى “الهيئة العليا للحج”، التابعة للمعارضة السورية، إلا أن المفارقة تكمن في أنها لم تستطع تقديم خدماتها للراغبين بالحج في مناطق المعارضة جنوبًا، على عكس القاطنين في مناطق سيطرة قوات الأسد، سواء في درعا أو دمشق، والذين يستطيعون الوصول إلى لبنان للتقدم لمكاتب الهيئة، لتثبت السياسة الأردنية نفسها مجددًا كمتحكم بكثير من مفاصل الحياة في الجنوب السوري، لصالح الأسد.