وسقطت العاصمة
عنب بلدي ــ العدد 115 ـ الأحد 4/5/2014
يقول خطاب أحد الشباب المحاصرين في حمص «شاء القدر أن أكمل عامين في حمص المحاصرة الحبيبة… لن أقول أني مشتاق لوالدتي وإخواني، لن أقول أني متلهف لتناول طبق شهي؛ سأقول: خذل الله من خذل حمص».
لم تنفع المناشدات المستمرة من مقاتلي حمص لـ «إخوتهم» في الكتائب المقاتلة على تراب الوطن، لفك الحصار عن عاصمة الثورة السورية وإنقاذها من سقوط محتم، حتى أنهم «عجزوا» عن فتح طريق للمساعدات الغذائية إليها، ليحاول مقاتلوها حكّ ظهورهم بأظافرهم، وفتح طريق لإدخال الطحين للأهالي، وفي هذا السبيل قدم مقاتلو كتيبة شهداء البياضة أرواحهم على تخوم الحصار بداية العام.
تجاهلٌ من كافة القوى العاملة في سوريا، العسكرية منها أو السياسية، دفع أشرس مقاتلي الثورة السورية لتسليم المدينة، التي دفعوا دماءهم ثمنًا لـ «صمودها»، بأيديهم إلى نظام الأسد الذي نكّل بأهلهم وإخوتهم على مدار ثلاث سنوات.
ستعلو كالعادة خلال اليومين القادمين أصوات تخفف من حجم المصيبة، وتحاول خداع الناس بأنه الخيار الأنسب للحفاظ على أرواح مقاتلي حمص؛ نعم أصبحت حياة المقاتلين اليوم أولوية لدى هؤلاء، لكن أين كانت أصواتهم حين لجأ المحاصرون إلى أوراق الشجر في طعامهم، مناشدين الشرق والغرب بحمايتهم، وقد أسمعت لو ناديت حيًّا.
وتتمثل المهزلة بأوضح صورها حين يصوّر ائتلاف المعارضة -المسؤول الأول بالضرورة عن السقوط- الانسحابَ من حمص على أنّه نصرٌ للثورة، بعد أن أجبر تقدم المعارضة على عدة محاور النظام «للرضوخ لشروط الهدنة» التي تصبّ كلها في مصلحته.
إن سقوط حمص اليوم يعتبر مؤشرًا واضحًا إلى المرحلة التي وصلت إليها الثورة السورية، مظهرة الفارق الشاسع بين تخاذل مقاتلي المعارضة عن نصرة حمص اليوم، وبين ما أنتجته الثورة قبل ثلاث سنوات حين طالب ثوار كفرنبل قوات الأسد بزيادة عدد الدبابات على تخوم مدينتهم، للتخفيف عن حمص «المنكوبة».
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :