عنب بلدي – خاص
تصدّرت معارك ريف حماة الشرقي المشهد السوري خلال الأسبوع الفائت، إذ تعتبر المعركة الأكبر لقوات الأسد والميليشيات المساندة لها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، والتي تحاول من خلالها إنهاء وجوده في ريف حماة وحمص بشكل كامل، والانطلاق فيما بعد إلى محافظة دير الزور.
ووفقًا للمجريات الميدانية امتصت معارك شرق حماة الثقل العسكري الذي نشرته قوات الأسد في الأيام الماضية بريف مدينة الرقة الجنوبي الشرقي بشكل كامل، الأمر الذي أدى إلى انسحاب كبير لعشرات الكيلومترات في محافظة الرقة، وخسائر قُدرت خلال يومين بأكثر من 20 قتيلًا بينهم ضباط.
وبحسب خريطة السيطرة الميدانية شرق حماة يتركز تقدم قوات الأسد والميليشيات المساندة له على ثلاثة محاور، الأول ينطلق من جهة قرية صلبا، والثاني من منطقة الحردانة وأم ميل، بينما تتركز العمليات العسكرية من المحور الثالث انطلاقًا من قرية أم العلايا.
التنظيم يستميت لصد الاقتحام
على الجانب الآخر، يحاول تنظيم “الدولة الإسلامية” صد محاولات تقدم قوات الأسد نحو عقيربات في الريف الشرقي، من خلال تكثيف المفخخات، التي بدأ استخدامها في 24 آب الجاري، ومحاولة فتحه ثغرة لإخراج المدنيين إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية، عدا عن اتباعه أساليب عسكرية أخرى في جبهات خارج المنطقة، محاولًا بذلك تخفيف الضغط العسكري عليه في ريف حماة، إذ شن عدة هجمات معاكسة على مواقع قوات الأسد في ريف الرقة الجنوب الشرقي غرب مدينة معدان، إضافةً إلى هجمات مماثلة في المحور الجنوبي الذي تسير فيه قوات الأسد للوصول إلى مدينة البوكمال في ريف دير الزور.
قرية صلبا “الاستراتيجية” شهدت السجال الأكبر في الأيام القليلة الماضية، فقد أعلنت قوات الأسد السيطرة عليها ظهر الجمعة، 25 آب، إلى جانب قرية المكيمن الشمالي والصليبية، والعباوي.
إلا أنه لم تمض ساعات حتى أعلن التنظيم استعادتها وقتل أكثر من 15 عنصرًا في الكمين، والسيطرة على عتاد وآليات عسكرية، البعض منها ثقيل.
وعلى الضفة المقابلة للحصار، تتحرك “هيئة تحرير الشام” تحسبًا لتسرّب عناصر من تنظيم “الدولة”، ولاستقبال أي مدنيين قد يتمكنون من العبور.
ونفت مصادر عنب بلدي أن تكون الهيئة تحركت عسكريًا لمساندة التنظيم في كسر الحصار، وذلك بعد إشاعات نشرها ناشطون ليل الخميس 24 آب عن عمل عسكري لـ “الهيئة” لفك الحصار عن المنطقة.
وتأتي هذه التطورات العسكرية بعد معطيات ميدانية تسارعت بالتزامن مع اتفاقيات “تخفيف التوتر”، وأفضت إلى حصار التنظيم في ثلاثة جيوب بناحية عقيربات والبلعاس شرق مدينة السلمية.
مصير مجهول لآلاف المدنيين
وفي زحمة العمليات العسكرية والقصف الجوي المرافق لها غابت المعلومات عن مصير المدنيين القاطنين في ناحية عقيربات شرق حماة، والذين يقدر عددهم بأكثر من 15 ألف مدني.
وأطلق “مجلس محافظة حماة الحرة” بيان مناشدة طالب فيه “أصدقاء الشعب السوري” ومنظمات الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها في الضغط علی النظام السوري لفتح ممرات آمنة للمدنيين المحاصرين في عقيربات.
وأوضح في بيان حصلت عليه عنب بلدي أن قوات الأسد منعت المدنيين من الخروج بعد فرض الحصار على المنطقة بشكل كامل.
وقالت مصادر من المنطقة إن المواجهات العسكرية “العنيفة” تدور بشكل أساسي ومركز على المحور الشمالي والشمالي الشرقي للمنطقة، وسط غارات جوية مكثفة من الطيران الحربي الروسي.
وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي “هاشتاغ” تحت مسمى “محرقة عقيربات”، وعرضوا فيه معلومات المنطقة، إذ يبلغ عدد سكانها 50 ألف مدني نزح منهم 35 ألفًا، وبقي 15 ألفًا بمساحة ألفين و688 كيلومترًا مربعًا.
وأوضحوا أن “الطيران الحربي لا يفارق سماء المنطقة، وهناك عشرات الشهداء سقطوا بقصف أثناء محاولتهم الهرب والنزوح باتجاه مناطق ضمن ناحية عقيربات أكثر أمنًا”.
وبحسب ما رصدت عنب بلدي في الأيام الماضية بلغ عدد الضحايا من المدنيين أكثر من 100 مدني، إلى جانب عشرات الجرحى جميعهم من الأطفال، بحسب ما وثقها ناشطون من المنطقة.
الروس أساس التقدم
وفي سياق التطورات شرق حماة، حضرت التصريحات الروسية، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قوات الأسد اقتربت من عملية السيطرة على المنطقة الوسطى في سوريا، معلنة عن ألف طلعة جوية منذ مطلع آب الجاري ساندت التقدم.
وذكر رئيس مديرية العمليات العامة في هيئة الأركان الروسية، سيرغي رودسكوي، أن “الجيش السوري تمكّن بدعم من القوات الجوية الروسية، من إلحاق هزيمة مطلقة بمجموعات كبيرة تابعة لداعش في المنطقة الوسطى”.
وأوضح في حديث لوسائل إعلام روسية أن “السرعة التي اتسمت بها هذه العملية وفعالية الدعم الناري، ومروحيات كا-52 الروسية سمحت ببسط السيطرة على مساحات واسعة في ريفي حمص وحماة”.
وأشار إلى أن عدد الطلعات القتالية التي نفذها الطيران الروسي بلغت منذ بداية آب الجاري نحو 990 طلعة بـ 2518 ضربة.