محمد صافي – حماة
يخشى مربو الأسماك في سهل الغاب بريف حماة الغربي أن يستمر الحصار المفروض على منطقتهم لفترة أطول قد تؤدي إلى نهاية تجارتهم ومشاريعهم، وذلك بعد الخسائر التي منيوا بها خلال الثورة السورية. إذ يعد سهل الغاب أكبر المناطق التي تنتج الأسماك في سوريا، ويصل إنتاجه لنسبة 40% من إجمالي الإنتاج السوري للأسماك، بحسب ما أوردت جريدة الثورة الحكومية في عددها الصادر بتاريخ 26/3/2012.
وتشير الإحصائيات إلى أن سهل الغاب كان ينتج قبل الثورة بمعدل سنوي نحو ستة آلاف طن من الأسماك من مزارع خاصة وحكومية، نظرًا للبيئة المناسبة لتربية الأسماك التي يتمتع بها الغاب، ويحوي الأخير قرابة ثلاثمائة وخمسين مزرعة سمك على مساحة تمتد إلى 6400 دونم، حيث تربى الأسماك ضمن أحواض ترابية تتراوح مساحة كل حوض بين عشرة دونمات وخمسين دونمًا، حيث يتم إنتاج عدة أنواع من السمك أهمها الكرب والسلور والمشط.
منذ سنتين سيطر الجيش الحر على القسم الشرقي من سهل الغاب متمثلًا بكل من قلعة المضيق، باب الطاقة، الحمرا، الحويز، الحواش، العمقية، القاهرة، إضافة لقرى وبلدات أخرى. وتتواجد في هذا القسم من الغاب المزارع الحكومية التي تمتد على مساحة أكثر من 1200 دونم، وجميعها تستثمر حاليًا من قبل الجيش الحر. وبعد بدء الحراك العسكري في سهل الغاب والمناطق المحيطة به في الريف الغربي لحماة، قطع النظام المحروقات والأعلاف والأدوية البيطرية عن المنطقة، كما قطع في كثير من الأحيان الكهرباء، وذلك كان بداية الطريق في تراجع إنتاج الأسماك في الغاب، بعد ذلك عمل الجيش الحر على تأمين المحروقات (نفط خام) من المناطق الواقعة تحت سيطرته كبديل عن المازوت والبنزين لمحركات الماء والمولدات الكهربائية، واستورد الأعلاف والأدوية البيطرية من تركيا في ظل توقف معظم معامل الأعلاف والأدوية البيطرية في سوريا، لكن الأدوية لم تلاقي استحسان المربين والمسؤولين عن البحيرات، وهذا ما أكده لعنب بلدي المهندس ماهر عثمان، أحد المشرفين على أحواض الأسماك في سهل الغاب، «الأدوية التركية لم تلبي الحاجة وذلك إما لعدم كفاءتها أو لسوء استخدام المربين لها».
بالإضافة لما ذكر، يعود تراجع إنتاج الأسماك في سهل الغاب أضعاف ما كان عليه قبل الثورة، إلى أسباب رئيسية أهمها، القصف، والارتفاع الكبير بأسعار الأعلاف والأدوية، واستحالة نقل الأسماك إلى السوقين الرئيسين في دمشق وحلب. «خالد» أحد أبناء سهل الغاب وصاحب أحد أحواض الأسماك وهو طبيب بيطري يتحدث لعنب بلدي: «القصف اليومي على بلدات الغاب أدى إلى موت كميات كبيرة من الأسماك ودفع الكثير من أصحاب المزارع إلى إيقاف أعمالهم خوفًا على أنفسهم من القصف الصاروخي والمدفعي العشوائي الذي لا يفرق بين مدني ومسلح وبين طفل وامرأة ورجل»، ويضيف خالد «السوق الرئيسي للأسماك في دمشق وحلب، والطريق إلى هاتين المدينتين شبه مقطوع حاليًا ومعظم مربي الأسماك لا يجرؤون على إرسال شاحناتهم إليهما خشية القصف أو تعرضهم للسلب والسرقة، ونتيجة لذلك بات معظم الإنتاج السمكي يسوّق في مدينة حماة التي يسيطر عليها النظام أو ضمن سهل الغاب وبأسعار بخسة، لا تغطي إلا جزءًا من التكاليف».
عشرات من الأحواض في سهل الغاب أصبحت جافة لا مكان للحياة فيها، ومئات العائلات فقدت عملها ومصدر رزقها، وباتت تنتظر نهاية الحرب في سوريا، أو برميل موت يأخذهم للجنة، كما يقولون.