عنب بلدي – العدد 114 ـ الأحد27/4/2014
نشطت الحركة الشعرية ونمت في الثورة السورية وتفتحت طاقات خلاقة كانت مهملة ومغيبة نتيجة الظروف السياسية والحكم الاستبدادي، متمثلة بالسلطة السياسية من جهة والدكتاتورية الثقافية المرتبطة بالسلطة نفسها؛ إذ كان المثقّف الكبير يقمع أيضًا المثقّف الأصغر، لذا مع انطلاقة الثورة، وجدت كل تلك الطاقات الخلاقة طريقها في مناخ حر وفضاء مفتوح.
في لقاء خاص مع عنب بلدي يتحدث الناقد والشاعر الدكتور باسم القاسم عن المنتج الإبداعي الشعري في الثورة السورية.
- تجديد خطاب درويش والنّواب
استهل الدكتور القاسم حديثه مشيرًا إلى أثر «الفعل التراكمي لعقود مضت من الاحتكاك والتفاعل مع الإبداع الأدبي، الشعري منه على وجه الخصوص» على السوريين، الأمر الذي شكل ذخيرة بناءة وهامّة في إنجاز الحراك الثوري المدني وإكمال ملامحه ضد القهر والديكتاتورية. ولعل الشاهد الأوضح حسب ما يرى الناقد السوري هو «ظاهرة التجديد لتاريخ الشعر» المتمثلة في الإقبال الواسع من قبل الناشطين المدنيين في الحراك الثوري على النهل من المكتبة الشعرية لمحمود درويش ونزار قباني وأحمد مطر ومظفر النواب وآخرين؛ وهو ما نرصده جليًا في منابر التواصل الثقافي أو الاجتماعي، أو في لافتات المظاهرات أو على الجدران. «نعم كان هناك رصيد قوي ومهم خصوصًا أنّ الشباب السوري قارئ نهم وصاحب ذائقة»، وبالنسبة لهم بات النص الشعري يؤخذ بمثابة حجة دامغة بوجه الطاغية وبرهان مثبت لحق المواجهة.
أما عن الإنتاج الأدبي خلال السنوات الثلاث مما سمّاه الدكتور القاسم «الملحمة السورية» فيقول «أعتقد بأن أي تقييم أو رصد دور للمنتج الإبداعي الشعري السوري المواكب للحدث ربما سيكون مبتورًا أو افتراضيًا، خصوصًا وأنّ الحرية التي تشكل الحبل السري لجنين كل فكرة إبداعية والتي نهض من أجلها السوريون لم توشك أن تسحب شهيقًا واحدًا من أنفاسها بعد»، وعن ذلك يستشهد بتجربته الشخصية موضحًا «فأنا الآن أكتب من الرقة، أراقب وأمحّص الدلالات في كلامي قبل النشر، فسيف الرقيب على رقبتي وليس على رقبة النص»
- ثمة شعر يواكب ثورة سيكون ثورة في الشعر
الاستقاء من الإبداع الأدبي كان البداية، لكن، وكما يرى د. القاسم «هذا بالتأكيد لا ينفي أن سمات ما بدأت تتبلور وتتشكل لمجمل ملامح النتاج الشعري الموازي للحدث بلا شك»، وذلك إثر الانقلابات الجذرية التي تشهدها العلاقة بين الأطراف الثلاثة في عملية التلقي (الكاتب، النص، المتلقي)، وبذلك بدأت تأخذ بتسارع كبير دورًا في «إنجاز عتبة انقلابية في دورة حياة الشعر السوري والعربي كنّا عاجزين عن الحصول عليها -وهو ما يضيق بي المكان عن شرحه في هذه العجالة- ولكنه يسجّل كإنجاز مهم يجعلني أزعم بأن النتاج الأدبي الشعري هو الذي أخذ كثيرًا وكثيرًا من الثورة، أكثر مما أعطاها»؛ وعن دور النتاج الأدبي في الثورة، علق الشاعر «أعتقد أن من المبكّر الحديث عنه، وربما هناك ثمرة ستقطفها الثورة من شجر المحابر السورية الآن؛ فهناك ثمة شعر يواكب ثورة سيكون ثورة في الشعر».