رسائل من الغوطة
عنب بلدي – العدد 114 ـ الأحد27/4/2014
شهدت الغوطة الشرقية يوم الثلاثاء الموافق 22 نيسان الجاري افتتاح معرض فنون وأشغال يدوية بعنوان «رسائل من الغوطة» والذي نظمته مؤسسة الهدى التربوية، لتوجيه رسائل من أطفال وطلاب وطالبات الغوطة إلى العالم، بطرق فنية عديدة.
الإعداد للمعرض وتجهيزه احتاج صبرًا ودأبًا كبيرين حسبما أخبرتنا أ. تغريد إحدى منظمات المشروع، «فالعمل تحت ظروف الحصار وفي ظل أجواء أمنية سيئة تعيشها الغوطة حاليًا جعل الأمر تحديًا حقيقيًا بالنسبة لنا سواء من حيث تأمين المواد والكهرباء، تجهيز المكان، أو من حيث العمل في ظروف القصف المتزايد في هذه الفترة».
يضمّ المعرض لوحات فنية عديدة تتنافس فيما بينها على كسب تصويت الزوار ليعلن عن العمل الفائز في آخر أيام المعرض، ومن الجدير بالذكر أن هذه الأعمال كانت بمشاركة العديد من المراكز التعليمية من أنحاء الغوطة كلها، وتتنوع هذه الأعمال بين وصف للحصار إلى تجسيد لذكرى مرت بها الثورة كما هو الحال مع مجسّم مدينة سقبا من تصميم وتنفيذ م. نوال، والذي كان من أبرز الأعمال الفنية التي لفتت الزوار، إذ يمثل مخططًا مجسمًا بشكل واضح لمدينة سقبا ومبانيها وشوارعها، مع طائرة تحلق في سمائها مستهدفة شارعًا معينًا، تخبرنا نوال أن العمل إهداء لمدينتها سقبا، «ومحاولة لتأريخ يوم مشؤوم فيها، إذ استهدف طيران النظام حارتي بالصواريخ الفراغية في 18/10/2012، ما تسبب باستشهاد العشرات من أهالي الحيّ».
يضم المعرض بالإضافة للوحات وأعمال يدوية، فقرات متنوعة، كالعروض المرئية والندوات الثقافية، والرسائل الشفوية من أطفال أحبوا أن يرسلوا للعالم صوتهم، من بينهم محمود (9 سنوات) والذي ألقى كلمة بريئة مؤثرة بعد أن عدد صعوبات حياته الصغيرة مع الجوع والحصار وفقد الأقرباء «هلأ هي هي الطفولة، إذا هيك أنا بدي اخلص من الطفولة، أنا بكره الطفولة.. يا رب تخلص بسرعة وأكبر».
الإقبال ومنذ اليوم الأول لافتتاح المعرض بدا لنا لافتًا، لكن ما مدى إعجاب الزوار بالمعرض والأعمال الفنية فيه؟.
الآنسة خولة والتي قصدت المعرض من مدينة أخرى في الغوطة، أخبرتنا أنه يستحق وقتها وجهدها في زيارته، «فحجم الإبداع، والجهد المبذول فيه فاقا تصوراتي، أجمل ما في المعرض هو تضافر الجهود واتحادها من قبل مراكز تعليمية عديدة في الغوطة، كما أن الشعور بتنافس أصحاب الأعمال على شرحها لنا ليكسبوا تصويتنا قبل وداع المعرض أمر جميل وأعطى حركة مميزة.»
ولعلّ أبرز ما استرعى انتباه معظم الزوار، واستدعى ثناءهم هو الطريقة المميزة في إضاءة المعرض، والتي كانت بحد ذاتها رسالة من رسائل الحصار والقصف. تشرح لنا الأستاذة نوال الأمر بقولها «الصالة التي تضم معرضنا تضررت بشكل جزئي بسبب القصف، وشظايا القذائف تركت بصمتها في الجدران بثقوب صغيرة كثيرة، فكرنا بطريقة لسدها لكن كثرتها جعلتنا نفكر بكيفية استغلالها بشكل جمالي، فبدت -من خلال الإضاءة الطبيعية خلفها- كنجوم كثيرة تنير المكان.. هكذا نحن اليوم، نصنع من كل وسيلة للموت شمسا تحيينا، هذه هي رسالتنا من الغوطة، باختصار».
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :