عنب بلدي – العدد 114 ـ الأحد27/4/2014
هناك دومًا أب يدافع عن سمعة العائلة وفخر الجدّ الأكبر «القنصلاتو»، وأملاكه وعاداته، ولو كانت التكلفة عائلة من الأصنام، من الهياكل البشرية المحنّطة، المتشابهة حدّ التطابق، تسبّح بحمد الجد الأكبر وتطوف حول صورة له تصدّرت القصر لتكون كعبته المقدسة.
وسنقابل حتمًا، فتاة تعيش في هذا الجوّ المكبوت كلّه، وترغب في الانعتاق.. تريد أن تطير مع ألحان حرّة مجنونة كإيقاع موسيقى الغجر، لكنّها ستقابل بالمنع مرّتين، مرّة ﻷنها فرد من عائلة مرموقة، ومرّة أخرى ﻷنها أنثى.
ولأنّ الحياة ليست كما يريد الأهل والعادات دومًا، ولأنّ إطباق القيد وإحكامه يعني بالضرورة أننا سنبحث في ضدّه عن الحريّة المطلقة.
سيتمرّد إنسانٌ ما على قالب أُجبر أن يولد ويحيا فيه، سيتمرّد بطريقة لا يريدها الأهل أبدًا.
فحصيرة قذرة في قبو رطب في زقاق فقير قد تكون أكثر دفئًا وحبًّا من سرير وثير في قلعة القنصلاتو!
ونظرة صادقة من امرأة يراها المجتمع «مومسًا»، نظرة منها إذ أحبّت بصدق، وعبّرت عن نفسها دون خجل وبوضوح تام، بلحظة صدق وحقيقة، هي أجدر بالحبّ والاحترام من نظرات متهرّبة مترددة تبقى حبيسة الحواجز مختفية المشاعر، باردة التعبير-كانت النظارات الطبية رمزًا رائعًا لهذا-
والمجتمع الفقير المسحوق ذو الكلمات البذيئة – بالمباشرة- سيكون بديلًا صافيًا حقيقيًا عن مجتمع مخمليّ موارب كاذب، وزيجاته الباردة الصوريّة.
إبداع حنا مينة ليس فقط في ذلك كله، بل في كون الرواية لم تحتوِ اسمًا واحدًا!
لم يطلق الكاتب أي اسم ليقينه ربما أن الشخصيات موجودة بيننا جميعًا في كل المدن، وأن المتمرّد يمكن أن يحمل أي اسم.. لتكن الأسماء ما شئت، أطلق عليهم الأسماء التي تريد، وتخيلهم في الأشكال التي تحبّ.. سمّ مدينتهم ما شئت.. العائلة قد تكون باسم عائلتك أو عائلتي أو أي عائلة صنميّة أخرى.
هل هي مصادفة، أم أن الكاتب قام بهذا عن سابق إصرار، إذ أدرك بفطرته الإنسانية أن الأسماء قيود أخرى؟