محمد صافي – حماة
تعرض الريف الحموي خلال الأسبوع الماضي لقصف من نوع جديد وهو القصف بغاز الكلور السام، وقد توزع القصف على الريف الشمالي والشرقي، وذلك بعد التقدم الذي أحرزه الثوار خلال المعارك الأخيرة.
ريف حماة الشمالي تركزت الهجمات فيه على كفرزيتا التي تعد المركز الرئيسي لثوار الريف الحموي، حيث قصفت طائرات النظام المدينة خمس مرات متتالية ببراميل يتراوح وزنها بين 35 و50 كيلو غرام مليئة بغاز الكلور السام (CL2). وقد شهد الجمعة 11 نيسان الجاري أكبر الهجمات على المدينة حيث قُصف الحي الغربي في المدينة ببرميلين من غاز الكلور أوقعا أكثر من 150 مصابًا من الأهالي جلهم من الأطفال والنساء، وعاودت طائرات النظام يوم الأحد 12 نيسان قصف كفرزيتا، وذلك بالقرب من مركز المدينة، لكن البرميل لم ينفجر وبعد دقائق انبعثت منه رائحة الكلور موقعة 25 مصابًا بحالات الاختناق تم نقلهم سريعًا لمشفى كفرزيتا، وقد تكرر المشهد ذاته أيام الاثنين والأربعاء من الأسبوع الفائت مخلّفًا أكثر من 300 مصابًا و3 شهداء في غضون خمسة أيام بحسب تنسيقية كفرزيتا.
«أمير» من تنسيقية كفرزيتا تحدث لعنب بلدي عن حال أهالي المدينة: «آلاف من الناس نزحوا عن كفرزيتا بعد الضربة الأولى في 11 نيسان، ولكن لم تتوقف المعاناة هنا حيث إن العائلات التي قررت البقاء في المدينة يخرجون في كل يوم إلى الأراضي الزراعية تفاديًا للإصابة بالغازات السامة ومنهم من يخرج إلى القرى المجاورة ويعودون مع نهاية اليوم إلى منازلهم فرحين بسلامة أجسادهم». ويضيف أمير: «حتى الآن لم يتم دعم المدينة بكمامات للوقاية من غاز الكلور وهذا ما نتمنى من المسؤولين في الحكومة المؤقتة أو المنظمات والهيئات الطبية تأمينه لكل فرد من أفراد المدينة، علمًا أنه يتواجد في كفرزيتا نازحون من خان شيخون والحماميات ومورك».
وفي لقاء لعنب بلدي مع الدكتور حسن الأعرج مدير مشفى كفرزيتا أكد أن مشفى كفرزيتا استقبلت أكثر من 300 مصابًا بغاز الكلور خلال الأيام الست الماضية، وأضاف «تمكنا من معالجة 95% من الإصابات وذلك بالأوكسجين والكورتيزونات الجهازية والاستنشاقية ومضادات الإقياء والموسعات القصبية بالإضافة إلى السيرومات الملحية، وبقي لدينا 10 حالات كانت الإصابة فيها شديدة حيث عانى ثلاثة مرضى من نفث دموي (سعال منتج لقشع مدمى) مع هبوط في أكسجة الدم وسوء حالة عامة شديدة»، وقد تم تحويل هذه الحالات إلى «مراكز متقدمة» لحاجتها للدعم التنفسي الاصطناعي، ويضيف: «بقي لدينا سبع حالات تحت المراقبة حيث حصل لديهم حالات تحسن جزئي وهم قيد العلاج حاليًا وقد توفي رجل مسن من نازحي مورك بعد تعرضه لرض على الرأس واستنشاقه الكلور بالإضافة إلى طفلة صغيرة تعرضت لظروف مشابهة وشابة من الذين تم تحوليهم إلى المشافي التركية».
قرية عطشان في ريف حماة الشرقي تعرضت للقصف ببرميل يحمل غاز الكلور أيضًا، وذلك يوم الاثنين 14 نيسان، أدى ذلك لسقوط 25 مصابًا بحالات اختناق تم إسعافهم إلى المشافي الميدانية القريبة في المنطقة، ولم تسجل أي وفيات جراء ذلك. وفي ليل الاثنين أيضًا اسُتهدفت منطقة زور الحيصة في ريف حماة الشمالي ببرميلين من غاز الكلور أوقعا 3 إصابات في صفوف الثوار، مع العلم أن هذه المنطقة مجاورة لجبهة الناصرية وحاجز السمان الذي سيطر عليه الثوار أخيرًا، وهي مطلة على نهر العاصي أيضًا.
في ختام لقائنا مع الدكتور حسن الأعرج تحدث لنا عن المواد الطبية اللازمة في حال التعرض لهجمات أخرى: «لا يوجد لدينا تجهيزات لضربات جديدة بالغازات السامة ونحتاج للتزود والتعويض من مولدات الأوكسجين، أوكسميتر أصبعي، كورتيزونات بكافة أنواعها الجهازية والاستنشاقية، مضادات إقياء، صادات حيوية، الأقنعة الواقية، منافس للكبار والصغار، أجهزة سكشن».
ويعيش أهالي الريف الحموي حالة من الخوف والحذر في اللطامنة الآهلة بالمدنيين بما يزيد عن 30 ألف نسمة، في البلدة التي تعد مركزًا للنازحين من قرى الريف الشمالي والغربي، ما ينذر بوقوع مجزرة غير مسبوقة فيما لو تعرضت لقصف مشابه لقصف كفرزيتا.