عنب بلدي – القامشلي
كانت الأقلية المسيحية في مدينة القامشلي من بين الفئات التي طالتها موجات اللجوء المتلاحقة خلال سنوات الحرب، على خلفية التفجيرات التي استهدفت مناطقها، والمواجهات التي دارت بين الأطراف العسكرية في المنطقة.
تعرضت القاملشي، وخاصة أواخر عام 2016، إلى تفجيرات عدّة تسببت بمقتل العشرات، كان أبرزها التفجيرات الثلاثة التي استهدفت مجموعة مطاعم في حي الوسطى ذي الغالبية المسيحية، ليلة رأس السنة، وتسببت بمقتل 15 شخصًا.
ويخضع حي الوسطى لسيطرة ميليشيا “سوتورو” المسيحية، والتي تتلقى دعمًا من النظام السوري.
حي الوسطى يفقد سكانه الأصليين
لا توجد إحصائيات دقيقة لأعداد المسيحيين في مدينة القامشلي، إلا أن “تجمع سوريا الأم” التابع لزوجة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عرض إحصائية قال فيها إنه “من أصل ستة آلاف عائلة مسيحية في القامشلي، بقي منهم فقط ألفا عائلة فقط”.
وأوضحت مصادر من المدينة (طلبت عدم ذكر اسمها) أن أعداد المسيحيين في الحي لا تتجاوز 20 ألفًا، وذلك في مطلع 2016 الماضي، بعد أن بلغ عددهم قبل اندلاع أحداث الثورة السورية حوالي 300 ألف شخص.
نضال رهاوي، أحد سكان حي الوسطى، يقول إن “المسيحيين في القامشلي تعرضوا خلال السنوات الماضية إلى عدة هجمات إرهابية، كان القصد منها اقتلاع الجذر المسيحي”.
ويضيف لعنب بلدي أن هذه الاستهدافات تسببت بإسقاط الحي اقتصاديًا، إضافةً إلى إدخال الرعب إلى قلوب السكان، الأمر الذي دفع إلى الهجرة من المنطقة، مشيرًا إلى أن أكثر من 50% من السكان الأصليين هاجروا إلى الدول الأوروبية، وآخرين إلى مناطق سيطرة النظام السوري في مدينتي دمشق وحمص.
في حين يعتبر الشاب داني، وهو صاحب مطعم في الحي، أن “الهجرة أثّرت بشكل كبير على العمل، بسبب فقدان الشباب بشكل تدريجي، والذي انعكس على الحياة العامة، والاقتصادية بشكل خاص”.
هجرات متتالية
المسيحيون أقليات من الناحية الدينية والقومية في سوريا، ولا يشكلون أغلبية في أي منطقة في سوريا، سوى بعض القرى والبلدات في صدد بريف حمص، وصيدنايا في ريف دمشق، يقول الكاتب والمثقف المسيحي غاندي سفر سعدو، موضحًا أن “المسيحيين بدؤوا بالهجرة بشكل عام أيام الثمانينيات، بسبب ثورة الإخوان المسلمين حينها، والقمع السياسي الذي مورس على عموم الشعب السوري، إضافةً إلى تعزيز القبضة الأمنية المخابراتية”.
ويؤكد الكاتب، في حديث إلى عنب بلدي، أنه “مع اندلاع الثورة السورية هاجر المسيحيون من عموم سوريا، وكان لمدينة القامشلي النصيب الأكبر، وخاصة في الفترة التي وصل فيها داعش إلى مدينة الحسكة”.
وأسهم غياب الخدمات في خروج الأقلية المسيحية إلى خارج المنطقة الشمالية الشرقية، بعدما رأى الشعب المسيحي أن الهجرة هي الحل، بحسب الكاتب.
من جانب آخر انضوى العشرات من شباب حي الوسطى في ميليشيا “السوتورو”، وانضم بعضهم إلى “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، والقسم الآخر إلى صفوف النظام السوري.
وشهد مطلع 2016 الماضي مواجهات بين الميليشيا مع عناصر الشرطة المحلية التابعة للإدارة الذاتية الكردية (أسايش)، على خلفية إغلاق مداخل حي الوسطى من قبل “السوتورو”.