عنب بلدي – العدد 113 ـ الأحد20/4/2014
«
بطريقة غيّرت منحى حياتها ورتابة أفكارها صارت صوفي، 15 عامًا، فجأة طالبة فلسفة بالمراسلة، من قبل أستاذ لا تدري عنه إلا رغبته بإثارة دهشتها واستغرابها دائمًا، ﻷنّ «الميزة الوحيدة المطلوبة لكي يصبح الإنسان فيلسوفًا هي أن يستغرب!»، فالفيلسوف إنسان لم يتعوّد قط على هذا العالم، والعالم بالنسبة له سيبقى لغزا عصيّا على الفهم.
ولنعرف كيف تعامل الفلاسفة مع العالم، وكيف نظروا ﻷمور نراها «عادية» بشكل غير عادي، يصحبنا جوستان غارديير في رحلة عبر تاريخ الفلسفة الأوروبية، فحسب ما يقوله غوتيه «من لا يعرف دروس ثلاثة آلاف عام، يعيش فقط من يوم أي يوم»، بداية بالأساطير وما ألّفه الإنسان منذ القدم من حكايا خيالية لتقدّم له شروحًا مُرضية حول العالم حوله والظواهر الطبيعية، إلى فلاسفة الطبيعة كـ «تالس» وسواه، مرورًا بالعهد الفلسفي الذهبي لمدينة أثينا، فالهيلينية ثم العصور الوسطى ﻷوروبا، وفلاسفة عصر النهضة والباروك والأنوار، لنصل إلى العهد الحاضر بعد قراءتنا عن نظريات القرن العشرين في الفلسفة والطبيعة والاقتصاد، والتي كتب عنها «فرويد، داروين، ماركس».
معلومات فلسفية كثيرة، أو لنقل هي ملخص شامل لتاريخ الفلسفة الطويل، أبدع جوستان غارديير في إدخالها ضمن سياق روائي، كتب حبكته الروائية بأسلوب مثير بغموضه يجعل القارئ يطوي صفحات الرواية ويلتهم المعلومات الفلسفية بشكل سلس، ومثير للتفكير والتأمل في آن واحد.
الشعور بالاستغراب وعدم الفهم سيصحب من يقرأ الرواية من أول صفحاتها، ولن يكون حلّ العقد في ختامها -يوم احتفال ميلاد صوفي- أقل إثارة للاستغراب. كيف لا والرواية مبنية أساسًا على إثارة الدهشة؛ وجعلنا نتساءل.