رحلة سوريا في تاريخ العملة
ليس هناك تأريخ دقيق لبداية استخدام العملة كما نعرفها اليوم، لكن تُشير التقديرات إلى أن النماذج البدائية منها ظهرت قبل نحو ثلاثة آلاف عام، حين حوّل الصينيون المواد التي كانوا يقايضون بها مثل الفؤوس والسيوف والبيض وجلود الحيوانات، إلى نسخ مصغّرة مصنوعة من البرونز، قبل أن يحوّلوا هذه النسخ إلى قطع دائرية الشكل، وبدون حواف حادة، حتى لا تؤذي حاملها.
وقد استغرق العقل البشري نحو سبعة قرون حتى تمكن من سكّ أول نقود معدنية رسمية، في امبراطورية ليديا الواقعة في تركيا، واستخدموا في صناعتها مزيجًا من الفضة والذهب، وتم تمييزها بصور تحدد فئتها.
وبذلك أصبحت ليديا إحدى أغنى الامبراطوريات في ذلك الزمن، لأن النقود المعدنية سهّلت وسرّعت حركة التجارة، ووفرت الوقت في البحث عن مواد مقايضة يرضى بها البائع والشاري البيع. أما الملك الذي حدثت في عهده هذه الثورة الاقتصادية، فقد سمّاه العرب “قارون”، وإليه يُنسب التعبير الشعبي “مال قارون”.
ولأن ليديا برزت على الساحة كمنافس قوي، كثّفت الصين جهودها حتى توصلت في القرن 11 ميلادي، إلى استخدام النقود الورقية التي كُتب عليها تحذير بأنهم سيقطعون رؤوس المزورين.
ومنذ ذلك الحين بدأت الدول بتناقل هذا الاختراع، والاستفادة منه وتطويره، بل أصبح مجالًا جديدًا للصراع، وشكلًا متقدمًا من أشكال الحرب.
ويذكر تاريخ سوريا استخدام العملة بشكل واضح منذ فترة الحكم العثماني، واستُخدمت الليرة العثمانية الذهبية والفضية بشكل رسمي حتى عام 1888. ثم أصدرت أوراق مالية لكنها فقدت قيمتها عام 1918 حين سقطت الدولة.
وهكذا استخدم السوريون لأول مرة الأوراق النقدية من فئة الجنيه المصري المطبوع في بريطانيا، ومن هنا جاءت تسمية النقود بـ “المصاري” أو “المصريات” نسبةً لمصر.
في فترة الانتداب الفرنسي صدرت الليرة السورية التي تم استعمالها في لبنان أيضًا، لكن على أن تكون تابعة للفرنك الفرنسي، ولم تنفصل الليرتان السورية واللبنانية عن بعضهما إلا عند تجديد الاتفاقية مع فرنسا عام 1939.
ولاعتبارات استراتيجية بين القوى الاستعمارية، تم ربط الليرة السورية في فترة الحرب العالمية الثانية مع الجنيه الإسترليني، الحليف للفرنك الفرنسي، قبل أن يتم ربط الليرة السورية بالدولار الأمريكي عام 1947، وبعد ست سنوات أصدرت مؤسسة النقد السورية أول ليرة مستقلة عن فرنسا، والتي استمرت في تطويرها حتى اليوم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :