الشيخ عبد العليم أو الشيخ عبد الحق، الشيخ عمر أو الشيخ بدري، لا تهم الأسماء مهما اختلفت كونها تدل على شخصية واحدة عُرفت بتنقلها في حارات الدراما السورية بالملابس ذاتها والأسلوب الحكيم ذاته.
اسمه عادل علي، الاسم الذي ربما لن يقتنع جيل كامل من متابعي مسلسل “باب الحارة” عبر الأعوام التسعة الماضية أنه يعود لشيخ حارة الضبع عبد العليم، خاصة أنه بعيدٌ تمامًا عن الظهور الإعلامي واللقاءات الصحفية لأسباب غير معروفة.
من الوالي العثماني إلى شيخ الحارات الشامية
عُرف الممثل السوري عادل علي بشخصية والي الشام العثماني في المسلسل الشهير “الخوالي”، وساهمت كلماته التي رددها في معظم حلقات المسلسل، مثل “غريب أمور عجيب” و”تشوك غوزال” بالإضافة إلى وجهه “السمح”، في دخوله قلوب المشاهدين رغم دور الحاكم الظالم الذي لعبه آنذاك.
إلا أن والي الشام لم يثبت في منصبه سوى لموسم واحد، ليتنازل عن رتبته ويتجول في الحارات الشامية مرتديًا العمامة والعباءة وممسكًا السبحة في يديه، فيما يزيد عن ست مسلسلات بيئة شامية نقلتها الدراما السورية للوطن العربي.
بدأ علي أولى أدوار رجل الدين في مسلسل “ليالي الصالحية”، عام 2004، الذي جسد فيه شخصية الشيخ عبد الحق، تلك الشخصية التي نالت، بوجهها السمح، إعجاب المخرج بسام الملا، ما دفعه إلى احتكارها في الأجزاء التسعة من مسلسله “باب الحارة”، محولًا اسم عادل علي من الشيخ عبد الحق إلى الشيخ عبد العليم.
توالت أدوار “الشيخ” بالكاريكتر ذاته على الممثل، حتى ظن الجمهور أنه رجل دين فعلًا في حياته الطبيعية، إذ لعب علي الدور، الذي أتقنه، في كلٍ من مسلسل “طاحون الشر” بجزأيه، ومسلسل “الزعيم” الذي أدى فيه دور الشيخ عمر، و”الغربال” بدور الشيخ بدري، و”خاتون” بجزأيه بدور الشيخ “أبو طاهر”.
تنميط الشخصيات.. القوالب جاهزة
انتقادات عدة طالت الدراما السورية في الآونة الأخيرة لابتعادها عن ابتكار وتطوير الشخصيات، واعتمادها على قوالب جاهزة تجنبًا لورطة المغامرة والتحديث، حتى بات بعض كتاب السيناريو لا يقبلون أن يؤدي شخصية معينة سوى ممثل واحد في كافة المسلسلات التي يكتبونها.
فشخصية الشيخ عبد العليم بأزيائها وأسلوبها وحكمتها الظاهرة في كافة المسلسلات، لم تكن الوحيدة التي جرى تنميطها في الدراما السورية، إذ سبق وطغت شخصيّة “رئيس المخفر” على الأعمال الكوميدية للممثل جرجس جبارة، خاصة في مسلسل “عيلة خمس النجوم” والأجزاء الأربعة التي تلته، بالإضافة إلى مسلسل “ضيعة ضايعة” الذي أدى فيه دور “أبو نادر”، وبعض حلقات “بقعة ضوء”.
إلا أن جرجس لم يمانع ذلك التنميط ودافع عنه في حديثه إلى وكالة “وطن” للأنباء، العام الماضي، بقوله “شاءت المصادفة أن أؤدّي هذه الشخصيّة أكثر من مرّة، لكنّي قدّمتها بطرق غير نمطيَّة، وحاولت إظهارها بطابع طريف، بعيدًا عن شخصية رجل الأمن المعروفة”.
في حين يرى الممثل سلّوم حداد الذي اشتهر لسنوات بدور الرجل الشرير أن تلك “التهمة” ألصقت به، وأنه في الحقيقة إنسان محب للخير والناس، وأنه يفرغ عاطفته “الشريرة” في الدراما فقط.
وقال في حديث إلى صحيفة “الشرق الأوسط” عام 2001، “مع ذلك لا يزال المخرجون يختارونني للأدوار الشريرة، ربما لأنهم يرونني جاهزًا ولا يريدون البحث أو التفكير في ممثل آخر”.
“الشيخ عبد العليم”.. من المسجد إلى الكنيسة
في محاولة منه لكسر الصورة النمطية عن دور “الشيخ”، ظهر الممثل عادل علي في الكنيسة على هامش مسلسل “الولادة من الخاصرة” في جزئه الأول، بدور القسيس.
إلا أن ذلك الدور، الذي لم يتعدَ مشهدين اثنين، ولم يرسخ في ذاكرة المشاهدين كما فعل الشيخ عبد العليم عبر سنوات، ولم يستطع القسيس أن يلغي الشيخ، رغم أن دور القسيس لا يبتعد عن كونه تنميطًا باعتبار الشخصيتين تندرجان تحت صفة رجل الدين.
ولد الممثل عادل علي في سوريا عام 1966، وحاز على ماجستير في الإخراج المسرحي من روسيا، وهو متزوج وله ولد وابنتان، وكان قد بدأ مسيرته الفنية عام 1996 في مسلسل “العبابيد” مع المخرج بسام الملا، الذي ألبسه حلّة الشيخ عبد العليم في سلسلة “باب الحارة”.
–