اقتصاد الحرب بين المعارضة والنظام (1)

  • 2014/04/13
  • 9:54 م

 عنب بلدي – العدد 112 ـ الأحد13/4/2014

محمد حسام حلمي

أصدر المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية تقريرًا اقتصاديًا بعنوان «سوريا اقتصاد الحرب» من إعداد الباحث الاقتصادي جهاد يزبك، مدير تحرير موقع التقرير السوري. ويشير التقرير إلى كيفية قيام النظام بالاستفادة من اقتصاد الحرب والدعم المقدم من حلفائه. ويتطرق الباحث أيضًا إلى نشوء مجموعات وأفراد من المعارضة المسلحة تعتاش على اقتصاد الحرب، وتجد في استمرار الصراع حفاظًا على مصالحها.

سنركز في هذا العدد على كيفية استثمار النظام لاقتصاد الحرب لزيادة قدرته على الاستمرار وإدارة الاقتصاد في المناطق الخاضعة لسيطرته، وسنركز في العدد القادم على آلية تشكل ونمو اقتصاد الحرب في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

ساهم الصراع المسلح بنشوء قطاعات كبيرة من الاقتصاد تعيش اليوم وتزدهر على ما يسمى باقتصاد الحرب، وساهم ذلك في زيادة عدد الجماعات والأفراد التي ليس لها مصلحة في رؤية حل لنهاية الصراع حفاظًا على مصالحها المكتسبة. ويوضح الباحث يزبك كيف انقسم الاقتصاد السوري بين مناطق يسيطر عليها النظام ومناطق تسيطر عليها المعارضة، وكيف أصبحت هذه المناطق منفصلة عن بعضها البعض. ونتيجة لذلك فقد نشأت مراكز جديدة للقوى أصبح معها إمكانية العودة إلى دولة مركزية قوية صعبًا. ولكن الباحث يرى أن هذا التشرذم قد يكون جزءًا من حل الصراع كطريق ووسيلة جديدة نحو تحقيق إجماع وطني من الأسفل إلى الأعلى.

مع انقسام مناطق الصراع بقيت المناطق الخاضعة لسيطرة النظام تتمتع بوجود بعض مقومات الحياة الأساسية، من سلع رئيسية ومياه وكهرباء وخدمات التعليم والصحة. وتعود قدرة النظام على الاستمرار في تقديم هذه الخدمات في مناطقها إلى عدة عوامل، منها تراجع الطلب على السلع بشكل عام، وتهجير نسبة 15% من سكان سوريا بسبب النزوح للخارج، وتراجع إنفاق الحكومة على التوسع في المشاريع الخدمية كبناء طرق ومدارس جديدة.

وكان لدعم رجال الأعمال الموالين للنظام وحلفائه الدوليين مثل إيران وروسيا، دور كبير في مساعدة النظام ماليًا. ففي شهر تموز 2011 صرحت إيران بتقديم مساعدات نقدية وعينية للنظام السوري بقيمة 5.8 مليار دولار. وفي عام 2013 قدمت إيران تسهيلات مالية لنظام الأسد بقيمة 4.3 مليار دولار. وكان للجانب الروسي دور في دعم النظام من خلال تقديم التسهيلات التي تساعده في كسر الحصار الاقتصادي المفروض عليه، فبعد عدة أسابيع من إعلان الحصار الاقتصادي على سوريا قام المصرف المركزي بفتح عدة حسابات مالية في بنوك روسية وتم تحويل ودائع المصرف المركزي المسحوبة من البنوك الأوربية. وأعلنت الحكومة السورية في نهاية حزيران 2011 عن توقيعها اتفاقًا مع روسيا لطباعة العملة السورية التي كانت تطبع سابقًا في النمسا.

أما استغلال النظام للمنظمات الدولية العاملة في دمشق وإجبارها على العمل فقط في المناطق الخاضعة تحت سيطرته وعدم السماح لها بمساعدة المحاصرين في مناطق المعارضة، فقد ساهم في تخفيف الأعباء المادية والضغوط على النظام في توفير المواد والغذاء للمهجرين من مناطق الصراع. ففي عام 2013 أنفقت الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الأخرى مليار دولار على اللاجئين والنازحين في الداخل السوري. وقد نجح النظام بذلك في وضع عبء مساعدة اللاجئين في الداخل على المنظمات الدولية ليخفف بذلك من الأعباء المالية عليه.

مع قيام النظام بضغط نفقات الحكومة إلى الحد الأدنى وحصوله على المساعدات والدعم المالي من حلفائه الدوليين، نجح بالاستمرار في دفع رواتب العاملين في القطاع العام وتقديم الخدمات الأساسية بالحد الأدنى للمناطق الخاضعة لسيطرته.

وتتجلى مظاهر اقتصاد الحرب في مناطق النظام بإعطاء مزيد من السلطات لمجموعات الشبيحة لإدارة بعض المناطق، والسماح لها بنهب وسرقة ممتلكات الناس في مناطق المعارضة، ليتم بيعها في أسواق المسروقات في مناطق النظام كسوق المسروقات في حمص.

وكنوع من الالتفاف على العقوبات الاقتصادية الدولية، قام النظام بتكليف أشخاص ووسطاء بتأسيس شركات في بيروت كواجهة تساعده على التعاقد واستيراد السلع والدفع عن طريق البنوك خارج سوريا، مما ساهم في تحقيق ثروة كبيرة للوسطاء وارتفاع تكاليف البضائع ليتحملها المواطن السوري في صورة ارتفاع الأسعار المحلية. وذكر التقرير أن هؤلاء المستفيدين هم حلفاء النظام رامي مخلوف ورجل الأعمال أيهم جبار وعبد القادر صبرا.

مقالات متعلقة

  1. اقتصاد الحرب بين المعارضة والنظام (2)
  2. كيف تتضاعف أسعار السلع أثناء رحلتها من دمشق إلى المناطق المحاصرة؟
  3. الاقتصاد السوري دون ملامح وخطط 
  4.  مخاوف من تحول إعادة إعمار سوريا إلى "جائزة ترضية" لأمراء الحرب

اقتصاد

المزيد من اقتصاد