هل يفقد الأسد صوته؟
منذ أعلن رئيس تحرير صحيفة “السفير” اللبنانية، طلال سلمان، أن عدد 31 آذار 2016، سيكون العدد الأخير للصحيفة التي صدرت على مدار 42 عامًا، حتى بدأت الأرض تهتز تحت أقدام العديد من وسائل الإعلام اللبنانية، والتي بدا واضحًا أنّ “الولاء للنظام السوري” قاطعٌ مشتركٌ بينها جميعًا.
وها هو إسفين الحرب السورية يدقّ عميقًا في مجموعة الوسيط الدولية “AWI”، متسببًا بموجات صرف للصحفيين والتقنيين في صحيفة “البلد”، مجلة “ليالينا”، وجريدة “الوسيط”، الصادرة عن المجموعة نفسها.
والحقيقة أن الخلاف بدأ بتشتيت شمل المجموعة منذ بداية الثورة السورية، إذ تعارضت التوجهات السياسية لصاحبيها، بشار كيوان المؤيد للثورة، ومجد سليمان الموالي للنظام، وبالرغم من محاولات عديدة لتسوية هذا الخلاف، إلا أن المطاف انتهى أخيرًا بإغلاق صحيفة “البلد”، وخروج “ليالينا” و”الوسيط” من المجموعة.
الأزمة المالية التي عانت منها مجموعة “AWI”، وخاصةً صحيفة “البلد”، تعود إلى ما قبل الثورة السورية، التي وجهت لها ضربةً قاضية بحكم حدة الشرخ السياسي الذي أصاب لبنان على أثرها، فالصحيفة لم تتمكن من صناعة جمهور يتابعها خلال السنوات الأربعة عشر من مسيرتها.
وفي الأثناء التي كان طلال سلمان، الذي حوّل صحيفة السفير إلى منبر لـ “حزب الله”، يلقي اللوم في فشل الصحيفة بالاستمرار على شحّ الإعلانات، وتزايد الانقسام الطائفي والسياسي في لبنان والعالم العربي، كانت جريدة “النهار” التي تميّزت بمقالاتها العنصرية ضد اللاجئين السوريين مثل السخرية من لون بشرتهم، أو تحميلهم مسؤولية كوارث طبيعية لم تتمكن الحكومات اللبنانية المتتالية من حلها خلال عشرات الأعوام، كانت هذه الجريدة تخبر موظفيها أنها ستتخلى عن 100 منهم مع بداية عام 2017، وسط دهشة رئيسة تحريرها، نايلة تويني، من شحّ الإعلانات، ويبدو أن تفصيلًا صغيرًا جدًا قد فاتها، وهو أن مقالات الصحيفة تنتهك بشكل واضح مواثيق حقوق الإنسان الدولية.
ولم تلبث الإشاعات أن طالت قناة “العالم” الممولة من اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإيرانية، بعد مشاكل مالية تعرضت لها هي الأخرى، إثر وصول حسن روحاني إلى سدة الحكم، وبدى أن هذه الوسائل المؤيدة للدكتاتوريات تسير بخطوات واثقة نحو نهايتها.
أما على الأراضي السورية، فقد اتخذ رئيس النظام السوري قرارًا بإغلاق القناة الأولى الأرضية التي بثّت 56 عامًا، وإذاعة صوت الشباب التي بثّت 37 عامًا، في كانون الثاني 2017، وكان قرار الإعدام هذا قد أنهى حياة قناتي تلاقي والشرق الأوسط السوريتين أيضًا، في وقت سابق من العام 2016.
أمام هذا التراجع الهائل في عدد المنابر المدافعة عن النظام السوري، لا نستطيع إلا أن نتساءل: هل فقد الأسد صوته؟
الإجابة عن هذا السؤال تتكفل بها الأرض، فالأسد يسترجع بدأب سيطرته على البلاد، ليس هذا فقط، بل يحظى على مباركة دولية، فها هم رؤساء دول عظمى يقولون إنهم عجزوا عن إيجاد بديل “شرعي” لبشار الأسد، ويبدو أن الأخير مستمتع جدًا بهذا التمثيل الأممي لرؤيته، فما ضره أن خسر “السفير” من هنا، أو “البلد” من هناك، طالما أن مجتمعًا دوليًا بأكمله قد تكفّل بالترويج له مرة أخرى.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :