أين وصل ملف تجنيس السوريين في تركيا؟

  • 2017/08/06
  • 11:46 ص

سوق شعبي يعج بالسوريين في اسطنبول - 8 شباط 2017 (عنب بلدي)

فريق التحقيقات في عنب بلدي

بعد مرور نحو عام على طرح مسألة منح الجنسية التركية للسوريين المقيمين في تركيا بشكل استثنائي، أسئلة كثيرة بدأت تجول في خواطر اللاجئين حول مدى إمكانية الحصول عليها فعلًا، بعدما تواصلت الجهات الرسمية مع عددٍ منهم وأجرت مقابلات معهم، لكن قليلًا منهم فقط من حصل عليها.

وفي ظلّ تجميد الإجراءات وتراجع التصريحات الرسمية، أجرت عنب بلدي لقاءات مع مجموعة من السوريين المتقدمين للحصول على الجنسية، وراجعت القوانين والتصريحات التركية الرسمية، للوقوف على شروط التقدم، إلى جانب إيجابيات وسلبيات المنح وما يتبعه من أسئلة تتعلق بجواز السفر والخدمة العسكرية وفرص العمل والدراسة.

آلية “ضبابية” للحصول على الجنسية التركية

استدعت مراكز الولايات التركية عددًا من السوريين بهدف تجنيسهم، دون تحديد معايير واضحة لطريقة اختيارهم، فمنهم من أمضى ثلاث سنوات في الإقامة ومنهم من لم يمضِ على وجوده في تركيا أكثر من عام، منهم أصحاب ”كفاءات” ومنهم من لا يملك مؤهلات علمية أو مهنية.

منال (27 عامًا)، تعمل في منظمة سورية تحفّظت على ذكر اسمها، استُدعيت لمقابلة منح الجنسية “الاستثنائية” مطلع العام الجاري في مديرية الهجرة في اسطنبول، وذلك لأنها تحمل إقامة عمل، كحال نحو سبعة آلاف شخص يملكون إذن العمل في تركيا، وفق التقديرات الرسمية، على خلاف بقية المدن، التي كان استدعاء السوريين فيها لكونهم في معظمهم مدرسين أو أطباء.

هل ترغبين بالعودة إلى سوريا؟

وأجريت المقابلة مع منال على مدار ساعة ونصف، في مبنى إدارة الهجرة، بأسئلة عامة عن مدة الإقامة في تركيا وتفاصيل العمل والعائلة والراتب والدراسة، والأهم: هل ترغبين بالعودة إلى سوريا يومًا ما؟

وبينما توقفت إجراءات منال على المقابلة الأولى، استدعيت خولة (35 عامًا)، وهي مدرّسة لغة عربية في أحد مراكز التعليم المؤقتة، إلى المقابلة الثانية في مبنى ولاية قيصري.

وعقب اللقاءين قدم عنصرا أمن إلى المنزل، دون تحديد موعد مسبق، للتأكد من المعلومات التي قدمت أثناء المقابلة، وسألا الجيران وأصحاب المحلات للتعرف على تحركات خولة ونشاطاتها، وذلك في إطار التفتيش والبحث الأمني الذي تحدثت الحكومة عنه في وقت سابق.

وبعد أشهر من هذه الخطوات، لم تجد منال أو خولة أي تطور في مسألة منحهم الجنسية، ولم تتبدل صيغة الرسالة التي تظهر لهما أثناء تفقد ملفهما على موقع دائرة النفوس، وهي أن الوضع “قيد الدراسة والتفتيش”.

وتقول منال “على ما يبدو أن هذه المرحلة تستغرق وقتًا طويلًا، إلى الآن لا نتيجة، ونحن على أمل أن يصدر قرار القبول قريبًا”.

لمَ استثنوني؟

أجرت عنب بلدي لقاءات مع أشخاص يقيمون في تركيا منذ سنوات، ويتقنون التركية، ويدرسون في جامعاتها، إلا أنهم لم يستدعوا إلى طلب الجنسية الاستثنائية، ما زاد الغموض حول المعايير التي يتم على أساسها الاختيار والتفضيل.

من بين أولئك زينب (23 عامًا)، المقيمة في ولاية هاتاي (جنوبي تركيا) منذ نحو ثلاث سنوات، وتدرّس في أحد مراكز التعليم المؤقتة، وهي بطبيعة الحال تتقن التركية وتدرس في جامعة “أتاتورك”.

وتتساءل “لم استثنوني لطلب الجنسية رغم أني أحقق معظم شروطهم؟”، وتقدمت بنفسها لتعرف فيما إذا كان اسمها موجودًا ضمن القوائم، لكنها لم تجده.

سوريين في شارع الاستقلال في اسطنبول (يوتيوب)

من يستحق الجنسية وما معايير منحها؟

حاولت عنب بلدي التواصل مع جهات رسمية مطّلعة في الولايات ومجلس البرلمان، إلا أنها تجنبت الحديث عن قضية التجنيس، فتعذّر الحصول على معلومات دقيقة وموثّقة حول أعداد المتقدمين وآلية الطلب والمنح، والمدة المتبقية.

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فجّر القضية في أول تصريح له في 2 تموز 2016، فقال على مأدبة إفطار في مدينة كلّس الجنوبية “تركيا وطن للسوريين القادمين من سوريا (…) وإن كان بينهم من يرغب أن يصبح مواطنًا تركيًا، سنمنح إخوتنا السوريين الجنسية، وسنتمكن من متابعة القضية من خلال مكتبٍ أسسناه”.

وعدّ تصريح أردوغان المفاجئ حينها شرارةً لأخذٍ وردّ في الشارع التركي، خاصةً أنه أطلق من مدينة تحوي سوريين أكثر من سكانها الأتراك. ولحقه تصريحات عدة تؤكّد على إمكانية منح الجنسية التركية للسوريين المؤهلين علميًا، وأصحاب المهن والأعمال منهم، إلى جانب الأيتام، لتهدئة رد الفعل الشعبي المعارض للفكرة.

معايير منح الجنسية

وفي ظل التصريحات الحكومية ورد الفعل من قبل المعارضة، لا سيما بعد انتشار إشاعات حول حصول جميع السوريين المقيمين في تركيا، والبالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون على الجنسية، حصلت صحيفة “يني شفق”، المقربة من مركز القرار في أنقرة، على مجموعة المواصفات والأعداد الأولية المقترحة، والخطوات المتوقعة، ولخصتها في تسعة بنود، ضمن مقال نشرته في 9 تموز 2016، وهي:

  • منح الجنسية للسوريين سيكون “خطوة خطوة”، وسيحصل عليها مبدئيًا حوالي 30 إلى 40 ألف سوري، مع أخذ مهاراتهم المهنية وكفاءاتهم بعين الاعتبار.
  • المجموع الكلي الذي سيحصل على الجنسية التركية من السوريين لن يتجاوز 300 ألف، وفي حال كان لديهم عائلات داخل تركيا، سيحصلون هم أيضًا على الجنسية.
  • لن يتمكن السوريون من الاقتراع في الانتخابات المقبلة على مدى عام من حصولهم على الجنسية.
  • إجراء تعديل على شرط المدة التي يقيم فيها الأجنبي داخل تركيا قبل حصوله على الجنسية بما يخص السوريين فقط، لتكون أقل من خمس سنوات متواصلة.
  • إجراء مجموعة تحريات أمنية حول السوريين الذين سيحصلون على الجنسية من قبل مؤسسة الاستخبارات التركية الوطنية (MİT).
  • فتح المجال أمام المستثمرين السوريين الذين يملكون الأموال ولم يتمكنوا من استثمارها إلى الآن.
  • منح الجنسية لبعض الشخصيات المعارضة بهدف حمايتهم، كما يمكن الاستفادة منهم استخباراتيًا.
  • إطلاق حملة توعية عن دور أجداد السوريين في معركة “تشاناق قلعة”، والتي راح ضحيتها آلاف الشهداء من الأتراك العثمانيين والعرب، تحسبًا للحكم السلبي الذي يمكن أن يتشكل لدى الشعب.
  • كما ستُتّخذ خطوات مستقبلية تمكّن السوريين من شراء العقارات، وتسهيل الاستثمار، والإبقاء على الأثرياء منهم في تركيا.


تعميم على الولايات
.. الأولوية للسوريين

وفقًا للإحصائيات الرسمية، يوجد في تركيا نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري مسجل، 10% منهم يتبعون لمنظمة “الإغاثة والكوارث الطبيعية” (آفاد)، موزعين في حوالي 26 مخيمًا، والبقية منتشرون في الولايات الـ 81 المتبقية.

ومع كثرة الحديث عن منح الجنسية، ورغم المعارضة التركية، أرسلت تعليمات من وزارة الداخلية بقاعدة بيانات حول السوريين إلى جميع الولايات، وخاصةً دوائر الهجرة العامة، ومديريات النفوس، لتعمل عليها قبل 7 حزيران 2016.

وطلبت إعطاء الأولوية أثناء دراسة البيانات للسوريين الذين قد يقدمون لتركيا فائدة في النواحي التقنية والعلمية والصناعية، والفنية والرياضية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية.

وأرسلت الداخلية إلى أنقرة وقتها قوائم بنحو 700 عائلة سورية مقيمة، لتقارن مع البيانات الموجودة لدى دوائر الهجرة، وتبين أن نحو 50 ألفًا من السوريين المسجلين في قواعد البيانات، حاصلون على شهادات تعليم عال.

خمسة آلاف سوري مجنس

وإلى حين تاريخ صدور أول تصريح لأردوغان، بينت وزارة الداخلية التركية أن نحو خمسة آلاف سوري حصلوا على الجنسية التركية بموجب القوانين السارية ووفقًا لقانون الجنسية رقم 5091، الذي يمنحها للأجانب المقيمين في تركيا تبعًا لشروط واضحة وهي:

  • البقاء بشكل مستمر داخل تركيا لمدة خمس سنوات اعتبارًا من تاريخ تقديم الطلب
  • إتقان التركية بالحد المقبول
  • التحلي بالأخلاق الحسنة
  • القدرة على إعالة نفسه ومن يعيل من الأشخاص المسؤول عنهم
  • ألا يشكل خطرًا أو تهديدًا على الأمن القومي.

محاولة الانقلاب تعرقل الخطوات

وتعثرت تطورات إجراءات منح الجنسية بمحاولة “انقلاب 15 تموز” الفاشلة، والتي حصلت بعد أيام من تصريحات أردوغان، ما أرجأ الحديث عن القضية إلى حين يستتب الأمن، وتهدأ الأوضاع الداخلية.

إلى أن تجدّد الحديث عن منح الجنسية لقسم من السوريين والعراقيين المؤهلين، في تصريح للرئيس التركي أردوغان مطلع العام الجاري، منوهًا إلى أن الداخلية بدأت تتخذ خطوات جدية في هذا الخصوص.

وأكد مجددًا أن المنح لن يكون سوى للمؤهلين، مشيرًا إلى وجود المهندسين والأطباء وغيرهم، متسائلًا “أليس من الأفضل عملهم تحت سقف القانون كأولاد هذا الوطن؟”.

السوريون وورقة الاستفتاء

وبالفعل كانت مديريات الهجرة في مختلف المدن بدأت استدعاء السوريين اعتبارًا من الشهر التاسع ولغاية شباط في عام 2017، وهو الوقت الذي أعلن فيه والي اسطنبول، واصب شاهين، إرسال نحو ألفي ملف للسوريين المتقدمين على الجنسية “الاستثنائية”.

وفي وقت سابق كانت صحيفة “مللييت” التركية أوضحت أن الجنسية ستمنح لنحو عشرة آلاف سوري مبدئيًا، ليعود المشهد الرافض للسوريين وبقائهم في تركيا إلى الواجهة، وسط ترويج وسائل إعلام معارضة أن هذه الأسماء ستستخدم كأصوات انتخابية في الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تاريخ 16 نيسان الماضي، ما دفع نائب رئيس الوزراء السابق، ويسي قايناق، لنفي الادعاءات، محاولًا شرح فكرة أن “حصول 10 إلى 20 ألف سوري على الجنسية، لن يغير من نتيجة الاستفتاء أمام صوت 55 مليون ناخب تركي”.

وأشار قايناق وقتها إلى أن نتيجة منح الجنسية للسوريين المتقدمين ستحدد بعد الاستفتاء، وفقًا لتعليمات رئيس الوزراء، بن علي يلدريم، لوضع حد للاحتدام الذي كان له منعكسات سلبية على الشارع التركي، زادت من النظرة العدائية لدى البعض.

وصرح قايناق في اليوم التالي عن عدد العائلات السورية التي حصلت على الجنسية التركية، دون ذكر التفاصيل، وقال إن نحو ثلاثة آلاف عائلة حصلت عليها، وهو ما يعادل حوالي 10 إلى 12 ألف شخص، وذلك بعد الإشارة إلى أن البحث بدأ قبل 14 شهرًا.

ورغم مرور أربعة أشهر على الاستفتاء، لم تصدر أي قرارات أو تصريحات رسمية جديدة إلى الآن، ومايزال من استدعي إلى الجهات الرسمية يتساءل عن الوقت الذي ستصدر فيه النتيجة بالإيجاب أو الرفض.

 

 المعارضة تطالب باستفتاء شعبي

رغم التصريحات التي تركّز على منح الجنسية للمؤهلين فقط من السوريين، ازدادت حدة الرفض من قبل المعارضة، والمتمثلة بثلاثة أحزاب سياسية، وهي “الجمهوري الشعبي”، الذي يعد معارضًا لفكرة لجوء السوريين والتدخل التركي في سوريا منذ البداية، و”الحركة القومية”، و”الشعوب الديمقراطي”.

وطالب حزبا “الجمهوري” و”الشعوب” بإطلاق استفتاء شعبي حول القبول بمنح الجنسية للسوريين أم لا.

ووجه كمال قيليتشدار أوغلو، زعيم المعارضة الرئيسية، خطابًا للرئيس التركي أردوغان، قال فيه “إن كنت مصرًا ولا بد، وكنت تقول (نحن مع الإرادة الشعبية). هلم بنا يا أخي لنجري استفتاءً شعبيًا، ونسأل الشعب”.

الطلب الذي كرره زعيم حزب “الشعوب” الكردي، صلاح الدين دمير تاش، والذي طالب بالاستفتاء على الموضوع قائلًا “لا يمكن لرئيس الجمهورية اتخاذ القرار بهذا الخصوص، إن كنت تثق بنفسك كثيرًا، فلنستفتِ”.

مؤامرة الجينات.. أسكن شعبك أولًا

كما اعتبر قيليتشدار أوغلو أن قرار منح الجنسية التركية للسوريين، عبارة عن مؤامرة ضد تركيا، الهدف منها “التلاعب بجينات الشعب التركي”، فقال “أوروبا البالغ تعدادها نحو 500 مليون نسمة، لا تستقبل سوى 500 ألف سوري، بالمقابل تركيا ذات الـ 73 مليون نسمة تستقبل ثلاثة ملايين لاجئ (…) الهدف هو تغيير جيناتنا”.

من جهته أبدى زعيم الحزب القومي، دولت بهتشلي، استياءه تجاه تصريح أردوغان حول إمكانية منح السوريين بيوتًا بالتقسيط في مؤسسة “الإعمار السكني” (توكي)، الذي جاء بعد أيام من حديث الجنسية.

ووجه بهتشلي وقتها توصية إلى أردوغان قائلًا “أرى أن ينظر إلى حال وأحوال شعبنا الحزينة أولًا”.

ولم يكن حال الشارع التركي أفضل بكثير من الأحزاب السياسية، بل يمكن اعتبار رد فعله أعنف، فخلال أيام من تصريح أردوغان، انتشرت وسوم يمكن وصفها بالعدائية، مثل “لا أريد السوريين في بلادي”، و”فليرحل السوريون”.

ماذا يقول الشارع التركي؟

وبعد مرور قرابة عام على التصريحات، أجرت عنب بلدي استطلاع رأي للشارع التركي، حول رغبتهم بوجود السوريين أو منحهم الجنسية، وكانت الردود بمعظمها إما رافضة للفكرتين، أو على الأقل ضد المنح.

وتباينت الأسباب ما بين الرفض “غير المبرر” لمجرد الرفض، وبين من يعتبر السوريين “عامل تأثير سلبي في الاقتصاد التركي”، أو لاعتقاد البعض أنهم “يدخلون الجامعات مجانًا ودون اجتياز الامتحانات”، أو لأنهم “يتسولون في الشوارع”، وغيرها من الصور النمطية.

ويروج البعض، سواء من السياسيين المحسوبين على المعارضة، أو الإعلاميين، أو المواطنين، مجموعة إشاعات حول “وجود حقوق استثنائية للسوريين في تركيا”.

والجديد هو اختلاف القاعدة الشعبية الحاضنة لأردوغان معه بالرأي في هذا الخصوص وانضمامهم إلى المعارضة، إذ شاع الخلاف بين أطراف الحزب الحاكم نفسه، وانقسم رأي المواطنين الناخبين له، لا سيما في مدن ومناطق تعد محسوبة عليه، مثل مناطق أوسكودار وزيتين بورنو في اسطنبول، وفق استطلاع أجرته “BBC Türkçe”.

رجالنا يموتون ورجالهم يلعبون

ويأتي في مقدمة الإشاعات المتداولة بين الأتراك حول السوريين، أنهم “تخلوا عن وطنهم“، في حين يقاتل الجيش التركي في سوريا، رغم أن الجنود الأتراك المشاركين في إطار معركة “درع الفرات”، التي انطلقت في آب الماضي، كانوا موجودين بهدف تأمين الخدمات اللوجستية والتقنية لعناصر “الجيش الحر” والفصائل المقاتلة، ولم يتجاوز عدد قتلاهم 69 مقاتلًا، وفق تقرير الأركان العامة.

المتسولون السوريون

ترتسم صورة نمطية لدى الأتراك عن السوريين، تقول إن معظمهم ”متسولون“، إذ ينتشر أعداد من المتسولين في شوارع المدن التركية، بعضهم سوريون وبعضهم من يدعي أنه سوري.

الأمر الذي اضطر والي اسطنبول، واصب شاهين، منتصف أيار الفائت، إلى نفي هذه ”الادعاءات“، قائلًا إن “معظم المتسولين هم أتراك وليسوا سوريين”.

وهو ما أكدته تقارير لاحقة بأن نحو 350 متسولًا فقط من أصل 3500 اعتقلوا أثناء عمليتين نوعيتين في بعض المدن التركية، كانوا من السوريين، في حين كان يدعي قسم من الأتراك أنهم سوريون.

جامعات بالمجان

تروج شائعات في تركيا حول فرص التعليم الجامعي الممنوحة للسوريين في تركيا، تقول إن السوريين يدخلون الجامعات دون الخضوع للامتحانات، ويحصلون على منح تعليمية تصل إلى 1200 ليرة.

في حين أكدت الجهات المختصة أن السوريين أو غيرهم من الأجانب، يمكنهم الدراسة داخل تركيا، بموجب انتقال أفقي من جامعتهم إلى الجامعة التركية، أو البدء من جديد، من خلال مجموعة طلبات وإجراءات، وبعد العبور من فحوصات مخصصة للأجانب، مثل امتحان الـ “YÖS” وغيره، ووفقًا لسلم علامات مدروس.

وأكدت منظمة “الهلال الأحمر” التركية، أنها تمنح مبلغًا قيمته 100 ليرة تركية شهريًا للطالب، ويستخدم حصرًا لشراء المواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية، ويمنح إلى من هم بحاجة إليه فقط.

 

السوريون يريدون الجنسية

أجرت عنب بلدي استطلاعًا للرأي عبر موقعها الإلكتروني وصفحتها على ”فيس بوك“، شارك فيه نحو 1800 شخص. وكان السؤال: هل تؤيد منح الجنسية التركية للسوريين المقيمين في تركيا؟

أيد نسبة 68% من المشاركين ضرورة منح السوريين الجنسية، في حين فضّل 17% منهم “الإقامة الدائمة”، بينما كانت نسبة من يعتقد أن الجنسية قد تؤثر على عودتهم إلى بلادهم هي 10% فقط.

صلّحوا أوضاعنا أولًا

وتباينت آراء المشاركين في التصويت، فمنهم من اعتبر الأمر مهمًا وضروريًا، ومنهم من كان متشائمًا ويسعى للحصول على “الكيملك” وتصحيح وضعه القانوني في تركيا أولًا، وآخرون رفضوا الفكرة من أساسها.

وكتب حساب “بسمة حزن”، تعليقًا على الاستطلاع “يعطونا الكيملك أولًا وبعدها نفكر بالجنسية (…) صرلنا سنتين ولم يعطونا إياها.. (طقت مرارتي) حتى أسجل ابنتي في المدرسة”.

وكان لمصعب ويس رأي مختلف، فهو يرى أن ما تقوم به تركيا الآن، يشابه ما فعلته الدولة العثمانية سابقًا، بسحب “أصحاب الخبرات“، مضيفًا “اليوم تُخدّر الحكومة التركية أسماع السوريين بمنحهم الجنسية التركية”.

ويرى حسن يوسف أن “التجنيس عبارة عن فقاعة إعلامية”، معتبرًا أن الحكومة “لو أرادت التجنيس، لما انتظرت الاستطلاعات”.

أمّا جابر، والذي ينضم لشريحة الـ 17%، فيعتقد أن الإقامة الدائمة أفضل، لسببين “الأول الحفاظ على الهوية السورية، والثاني تجنبًا للمشكلات التي تحدث في تركيا جرّاء القضية”، معتبرًا أن الأتراك محقون برد فعلهم تجاه السوريين.

منح الجنسية ينعش الاقتصاد التركي

بدأ السوريون في تركيا، والبالغ عددهم ثلاثة ملايين سوري، وفق إحصاءات الحكومة التركية، بإطلاق فعاليات اقتصادية بعد استقرارهم وحصولهم على مزايا استثمارية من قبل الحكومة.

صحيفة “دنيا” الاقتصادية التركية قالت في تقرير لها، في نيسان الماضي، إن عدد الشركات السورية بلغ عددها في تركيا خمسة آلاف و647 شركة، لتحتل المرتبة الثانية بين الشركات الأجنبية من حيث العدد، بعد الشركات الألمانية، لتسجل زيادة بنسبة 168.2% مقارنةً مع عام 2014.

في حين قال “اتحاد غرف التجارة والبورصات” التركي (TOBB)، في تقرير له في 2016، إن رأسمال الاستثمار السوري في الشركات التي تملك كامل أو أغلبية أسهمها في تركيا، بلغ حجمه حوالي 751 مليون ليرة تركية، في السنوات الأربع الأخيرة.

لكن تقريرًا بعنوان “الجانب الآخر للقصة: تقييم سوق الشركات السورية في تركيا”، والذي أعدته منظمة “بيلدنغ ماركت”، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة الأمريكية، قال إن السوريين أنشأوا في تركيا منذ 2011 أكثر من ستة آلاف شركة محلية، استثمرت بشكل جماعي ما يزيد عن 300 مليون دولار في تركيا.

تشجيع حكومي للاستثمار

الحديث عن التجنيس وتصريحات المسؤولين الأتراك حول منح الجنسية، أدى إلى طرح تساؤلات بين المستثمرين السوريين حول مستقبل الشركات وكيفية تأثير الجنسية على واقع الاستثمار السوري في تركيا.

نائب المدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي السوري، رامي شراق، اعتبر في حديث إلى عنب بلدي أن الهدف الأول لتجنيس السوريين هو تحسين مؤشرات الاقتصاد التركي.

وقال شراق إن “عملية التجنيس ستسهم في انتعاش الاقتصاد التركي بشكل كبير، لأن العديد من أموال السوريين في تركيا مازالت موجودة في المصارف ولم تتوجه إلى الاستثمار المباشر”، في إشارة إلى البدء في ضخها بالأسواق بعد عمليات التجنيس.

وأما عن تخوف السوريين من الملاحقة الضريبية بعد التجنيس، فأكد شراق أن الحوافز والمزايا المقدمة من قبل الحكومة التركية والبيئة الاستثمارية التركية ستكون أكبر بكثير من التهرب الضريبي، وبالتالي التوجه نحو الاستثمار بشكل مباشر والمساهمة في دفع الضرائب والرسوم للحصول على المزايا المتقدمة.

قطاع العقارات

ويتوقع أن يشهد قطاع العقارات في تركيا، الذي يعتبر القطاع الأكثر جذبًا للاستثمارات وخاصة من قبل الأجانب، انتعاشًا في حال منح الجنسية التركية للسوريين، بحسب شراق، الذي أكد أنه سيكون القطاع الأول لاستثمارات السوريين من أجل تأمين سكن لهم ولعائلاتهم، ومن أجل الاستثمار في هذا القطاع وممارسة التجارة به.

ماذا عن جواز السفر والخدمة الإلزامية؟

يعفى من يحصل على الجنسية التركية، بموجب الأصل أو المنح، من أداء الخدمة العسكرية، إن كان الشخص أدّاها في بلده الآخر، ولكن بشرط أن يكون حصل عليها لأصوله أو أنه مهاجر من إحدى الدول التركية الشقيقة مثل أذربيجان، وكازاخستان وغيرها، أو إن كان معفيًا طبيًا، وفقًا لقانون العسكرية رقم 111، الذي حصلت عنب بلدي على نسخة منه.

كما يعفى الأجانب من الخدمة الإلزامية في حال تجنسوا بعد عمر 21، بموجب الزواج، أما في حال كان الشخص مهاجرًا (دراسة، عمل) فيعفى إن كان عمره فوق الـ 21 لدى تاريخ دخوله تركيا.

 

أما فيما يخص السوريين، فلم تحدد صيغة قانونية بعد، حول كيفية خدمة العلم بالنسبة لهم بعد حصولهم على الجنسية، وما إذا كان هناك استثناء يخصهم لاحقًا، وفق التصريحات الرسمية، أو أنهم سيعاملون معاملة المهاجر.

روى “محمد س” (35 عامًا)، وهو تاجر مجوهرات من حلب، إجراءات استصدار جواز سفر تركي، والسحب إلى الخدمة الإلزامية بعد الحصول على الجنسية التركية منذ حوالي سنتين، لا سيما أن هذين السؤالين يشغلان بال معظم من ينتظرون المنح قريبًا.

وحصل محمد وإخوته وأولاده على الجنسية بموجب الأصول وليس المنح الاستثنائي، وهذا يعني أن وضعهم مختلف قليلًا، فيما يتعلق بالخدمة العسكرية، إذ إنهم مجبرون على تأديتها، مهما بلغ عمرهم، على خلاف من يأخذها بالمنح.

وبالفعل أعفي محمد من الخدمة العسكرية، فهو كان معفيًا سلفًا في سوريا لعذر طبي، في حين طولب أخواه لدى تقدمهما بطلب جواز السفر بإثبات أنهما أديا الخدمة الإلزامية في سوريا ليحصلا على الإعفاء، ولتعذر إثبات ذلك في الوضع الراهن منحا إذن تأجيل لعام كامل.

إلى حين جاء عناصر من الجندرمة في العام التالي إلى مكان إقامة أحد أخويه في مرسين لتعتقله، وتسأله عن سبب تخلفه عن الجيش، وبقي محتجزًا ريثما أوضح لهم أنه خدم في سوريا.

والأَخوان مضطران إلى تجديد طلب التأجيل سنويًا، لغاية استتباب الأوضاع في بلدهم الأم، ليثبتا ادعاءهما.

وبالنسبة لاستصدار جواز السفر، تأكدت عنب بلدي من أكثر من شخصٍ حصل على الجنسية التركية منذ وقت قريب أنه تمكن من استصداره فورًا، وبالمدة التي يطلبها، دون أدنى تعقيدات، وهو ما ينفي ما قيل حول ضرورة مرور سنة على الجنسية قبل الحصول على الجواز.


سوريون حصلوا استثنائيًاعلى الجنسية التركية

استفادت شخصيات سورية بارزة من استنثاءات عدة للحصول على الجنسية التركية، رغم عدم تحقيقها الشروط الأسياسية للتجنيس.

وبموجب قرار من مجلس الوزراء التركي، مُنح العديد من السياسيين السوريين وأصحاب المواهب والكفاءات الجنسية التركية، عملًا باستثناء في القانون التركي يسمح بمنح الجنسية لأي شخص “يُعتقد أنه من الضروري حصوله على الجنسية”، بالإضافة إلى كل من “يسهم بتطوير الصناعة، الزراعة، التكنولوجيا، الثقافة، الرياضة والاقتصاد التركي بشكل أساسي وفعال”، بغض النظر إن كان سوريًا أم من جنسية أخرى.

ورصدت عنب بلدي أسماء سورية بارزة حصلت على الجنسية التركية، ومنها:

أعضاء في الائتلاف المعارض

باعتبارها الوجهة السياسية الأولى لمعارضي النظام السوري، استقطبت تركيا سياسيين بارزين، ومنحت أنقرة عددًا منهم الجنسية التركية، في خطوة اعتُبرت الأولى من نوعها على مستوى الدعم الخارجي الذي تتلقاه شخصيات من المعارضة السورية.

ووفق ما ذكرت وكالة أنباء “أوروبا والشرق الأوسط”، فإن ثمانية أشخاص من “الائتلاف المعارض” حصلوا، عام 2014، على الجنسية التركية ومنهم، جورج صبرا، سمير نشار، خالد الصالح، حسين السيد، أحمد رمضان، فاروق طيفور، نذير الحكيم، وأحمد طعمة.

ورغم عدم استيفائهم شروط الحصول على الجنسية التركية رأى مجلس الوزراء التركي أن حصولهم عليها ضروري لتسهيل سير عملهم وتنقلاتهم بين البلدان.

وقال جورج صبرا، العضو في الائتلاف، للصحفيين، إن “الهبة” جاءت بمبادرة من السلطات التركية، لحل إحدى المعضلات التي تعترض عمل أعضاء “المجلس الوطني”، ولتسهيل حركة مرور وانتقال الأعضاء، خاصة أن بعضهم “لا يمتلك جوازات سفر سورية أو انتهت صلاحيتها لدى البعض الآخر”.

جمال أبو الورد

عبقري رياضيات سوري

إنجازاته العلمية وإبداعه في علم الرياضيات دفعت الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى منح العالم السوري جمال أبو الورد الجنسية التركية، في شباط عام 2015، ليكون على لائحة المبدعين السوريين الذين غادروا وطنهم مكرهين، وكرمتهم تركيا.

أبو الورد، الحاصل على لقب “مستشار عالمي للإبداع” من قبل المنظمة الكندية للتعليم الاحترافي بالتعاون مع الأكاديمية العلمية للتنمية البشرية، قال في حديث سابق لعنب بلدي إن أسلوب نظام الأسد في التعامل مع العلماء دفعه إلى مغادرة البلد، خاصة أنه من معارضي النظام السوري.

وأضاف “كنت مهمشًا في ظل نظام الأسد، والأولويات لعلي الديك وسواه، وتحدثوا عني الشيء القليل بعد حديث الغرب عن اكتشافاتي”.

ميسي السوريأصبح تركيًا

وصفه رئيس اتحاد كرة القدم التركي، يلدريم دمير أورن، بـ “ميسي جديد ومستقبل تركيا الكروي”، بعد منح الحكومة التركية جنسيتها للفتى السوري، آدم متين (14 عامًا)، بسبب موهبته الكروية التي وصفت بـ “الفريدة”.

وفي نيسان الماضي، أعلن أورن، خلال فعالية ثقافية ورياضية بحضور أمينة زوجة أردوغان، عن ضم آدم متين للمنتخب الوطني التركي لفئة الناشئين.

وقال فاتح تريم، مدرب المنتخب التركي الأول لكرة القدم، “أُعجبنا كثيرًا بآدم، وقمنا بضمه إلى المنتخب الوطني بعد أن حصل على الجنسية التركية، ونحن مسرورن جدًا لأننا تمكنا من إضاءة عالمه لو بشيء قليل”.

تامبي أسعد

عازف سوري شارك باسم تركيا

قرعت موهبته أجراس القصر الرئاسي التركي حين أحيا حفلة موسيقية بحضور الرئيس التركي، وشارك باسم تركيا في المسابقة العالمية للعزف على البيانو في روسيا، بعد أن نالت موهبة الفتى السوري تامبي أسعد، وهو في سن الـ 15، إعجاب شخصيات سياسية تركية وصلت سدة الحكم نفسها.

وفي 8 كانون الأول عام 2014، حصل عازف البيانو تامبي أسعد على الجنسية التركية ليكمل طريقه نحو العالمية، وفاز بالمرتبة الأولى في المسابقة الدولية الخامسة للموسيقى، التي عقدت في ألمانيا، في نيسان 2015، وتبعها فوزه بالمركز الأول في المسابقة الدولية للموسيقى بإسبانيا.

بانا العابد

بانا العابد مدللة تركيا

تمكنت الطفلة السورية بانا العابد، التي لم تتجاوز من العمر سبعة أعوام، من الحصول على الجنسية التركية من يد الرئيس التركي إلى يدها مباشرة، في 12 أيار الماضي، بعد أن حشدت تضامنًا عالميًا واسعًا مع سكان مدينة حلب، من خلال التغريدات التي نشرتها باللغة الإنكليزية، على موقع “تويتر”.

داومت بانا على نشر التغريدات والفيديوهات المسجلة باللغة الإنكليزية، على مدى ثلاثة أشهر من حصار المدينة عام 2016، وحصدت نحو 350 ألف متابع، من ضمنهم شخصيات عالمية، فنية وإعلامية وسياسية أيضًا.

شهرة بانا التي وصلت للعالمية دفع الإعلام إلى البحث عنها بعد التسوية التي أفضت إلى إفراغ مدينة حلب من سكانها وتسليمها للنظام السوري، لتحصل على إذن خاص للدخول مع عائلتها إلى تركيا، واستقبلها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في قصره الرئاسي، في العاصمة التركية.

أثار خبر نيل بانا الجنسية التركية استياء بعض اللاجئين السوريين في تركيا، متسائلين عن الاستثناء الذي حصلت بموجبه على جنسية البلاد التي لم تمضِ فيها سوى بضعة أشهر، بالإضافة إلى كونها ليست من أصحاب الكفاءات والمواهب الرفيعة.

مقالات متعلقة

  1. نائب الرئيس التركي يحسم الجدل حول تجنيس جميع السوريين
  2. سوريون مجنّسون يستعدون للمشاركة في الانتخابات البلدية التركية
  3. بعد "الإزالة".. الهجرة التركية تفتح ملفات تجنيس السوريين
  4. تركيا تؤكد تفعيل آلية التجنيس للسوريين على أراضيها

في العمق

المزيد من في العمق