معرض الكتاب بدمشق.. يليق بسوريا و“جيشها“ 

  • 2017/08/06
  • 3:29 ص

من فعاليات معرض الكتاب في مكتبة الأسد بدمشق - 2 آب 2017- صفحة المعرض الرسمية في فيس بوك

عنب بلدي – رهام الأسعد

ضمن الاستعراض الثقافي لبلد “يسوده الأمن والأمان”، بدأت فعاليات معرض الكتاب بدورته الـ 29 في مكتبة الأسد بالعاصمة السورية دمشق، الأربعاء 2 آب، ضمن مراسم افتتاحية بحضور شخصيات سياسية في حكومة النظام السوري.

بعد انقطاع دام أربع سنوات، من عام 2012 إلى عام 2016، افتتحت مكتبة الأسد أبوابها العام الماضي بمشاركة اقتصرت على دور النشر المحلية، لتعيد فتحه العام الجاري بمشاركات وصفت بـ “الأوسع” على مستوى الوطن العربي.

انطلقت الدورة الأولى من معرض “مكتبة الأسد للكتاب” عام 1985 بعد عام من تدشين المكتبة، ليتوقف عام 2012 بسبب النزاعات الدائرة في سوريا، وإحجام دور النشر الأجنبية عن المشاركة بالدورة الـ 27 من المعرض.

وعاد المعرض في دورته الـ 28 عام 2016، تحت صفة “الرجعة”، بمشاركة 75 دار نشر أغلبها محلية، بالإضافة إلى مشاركة محدودة من دور نشر روسية وإيرانية ولبنانية، ليعاد فتحه العام الجاري تحت صفة “الاستمرارية” بمشاركة وصفت بالأوسع عربيًا.

وقال المدير العام لمكتبة الأسد الوطنية صالح الصالح إن “الملفت هذا العام هو ازدياد المشاركات العربية قياسًا بالعام الماضي”، ليصل عدد الكتب المشاركة بالدورة الـ 29 إلى مئة ألف، وفق ما ذكر الصالح.

خطاب عسكري في معرض ثقافي

استهلت نجاح العطار، نائبة رئيس النظام السوري بشار الأسد، حديثها خلال افتتاح معرض الكتاب بخطاب عسكري باركت فيه جهود جيش الأسد وهنأتهم بـ “الإنجازات” الميدانية التي حققوها خلال معاركهم في مكافحة “الإرهاب”.

وبدأت العطار كلمتها “باسمكم واسمي أرفع تحية إجلال ومحبة للسيد الرئيس بشار الأسد، وللجيش العربي السوري المناضل، ولأرواح شهدائنا الأبرار الذين رووا أرضنا الطاهرة أرض البطولات والتضحيات بدمائهم البريئة”.

وتابعت، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا)، “تكتب سوريا اليوم صفحات مشرقة من تاريخ متميز، يتسم بكل ألوان البطولة التي أبداها جيشنا وشعبنا بقيادة الرئيس الأسد، وما كان ممكنًا أن نفتتح معرض الكتاب لولا ما بُذل من جهد وتضحيات حررت أرضنا وأودت بالإرهابيين إلى الهلاك”.

لم تكن العطار الوحيدة التي استعرضت “بطولات” جيش الأسد في مكتبة الأسد نفسه، بل استغل وزير الثقافة، محمد الأحمد، افتتاح المعرض ليوجه تحية “إجلال” للجنود “البواسل”، مشيرًا إلى أن سوريا “كانت ولا تزال موطن الأبجدية واللغة والحضارة”.

من جانبه، قال وزير الإعلام، محمد رامز ترجمان، في تصريح لوكالة الأنباء السورية، إن معرض الكتاب وبهذا الحجم “الكبير” يليق بسوريا وبجيشها، وأضاف أن سوريا “أرسلت رسالة مهمة جدًا إلى العالم بأن ثقافة الحياة أقوى من ثقافة الموت وسفك الدماء وتدمير الحضارات”.

ورغم أن التقدم الذي أحرزته قوات الأسد على الصعيد الميداني، نهاية العام الماضي وخلال العام الجاري، لا يخفى على الجميع، إلا أن ما تناساه السياسيون السابقون هو الدعم الروسي لجيش النظام الذي قلب الموازين على أرض الواقع، وهو ما لم ينوه له السابق ذكرهم ولو بكلمة شكر لـ “أصدقاء سوريا”.

أردوغان حاضر في معرض الأسد

“صدمة قوية” تلقاها موالون للنظام السوري أثناء زيارتهم لمعرض الكتاب في مكتبة الأسد، حين وجدوا كتبًا معروضة في إحدى دور النشر الأردنية تمدح وتمجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وإنجازاته، فيما يعتبره الموالون “شريكًا” في سفك الدم السوري و”مدمرًا” لمدينة حلب.

وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لكتابين الأول يحمل اسم “الشيخ الرئيس.. مؤذن اسطنبول ومحطم الصنم الأتاتوركي”، لكاتبه المصري شريف سعد الدين تغيان، إصدار 2011، والثاني بعنوان “تركيا من الحداثة إلى الخلافة”، لكاتبه المصري منصور عبد الحكيم، إصدار عام 2013.

عنب بلدي اطلعت على الكتابين السابقين بنسختهما الإلكترونية، ويعرض الكتاب الأول “الشيخ الرئيس” نجاحات أردوغان و”قدرته على صنع ما عجز عنه الكثيرون”، ويحاول الإجابة على تساؤل: “لماذا (أردوغان) تحديدًا نجح فيما فشل فيه الكثيرون من القادة؟”، ليجيب الكاتب بأن الرئيس التركي “استطاع أن يجمع بين حب واحترام الجماهير في مختلف دول العالم الإسلامي، وتقدير واستحسان قادة نفس العالم ممن جاء أغلبهم للحكم إما عبر دبابة أو انتخابات مزورة، في الوقت الذي كان طريق أردوغان للسلطة مليئًا بعقبات الديمقراطية العلمانية”.

فيما يسرد الكتاب الثاني التطورات التاريخية لتركيا قبل مئة عام، وكيف تحولت من دولة الخلافة إلى جمهورية علمانية، لتعود بعدها إلى الحكم الإسلامي بوصول حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان إلى الحكم، من وجهة نظر الكاتب.

دعوات لمحاسبة المسؤولين

أثار الكتابان السابقان سخط واستياء الموالين للأسد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن هذا “الخرق الثقافي والاستخباراتي”، متسائلين عن دور وزارة الثقافة في مراقبة محتويات الكتب المشاركة بالمعرض.

ونشر موقع “الميادين”، المقرب من النظام السوري، تقريرًا جاء فيه “هل من المعقول أن يُعرض كتاب في أهم معرض كتب عربي، يُبرز إنجازات أكثر شخصية دموية إرهابية في التاريخ الحديث، دون أن يلحظه أحد من المعنيين بذلك؟ أين كانت وزارة الثقافة إذًا أثناء التحضير لافتتاح المعرض؟ هل كانت نائمة؟”.

في حين اعتبر آخرون أن ذلك “انفتاح” من وزارة الثقافة على الرأي الآخر وأنه “ضرب من ضروب حرية التعبير واحترام الرأي الآخر أو الفكر الآخر”، وهو ما لم يعتد عليه السوريون بطبيعة الحال، فكيف المؤيدون.

من جانبه، نشر حساب غسان حسن، الذي ادعى أنه صديق مدير مكتبة الأسد صالح الصالح، منشورًا طالب فيه “صديقه” بتفسير وجود كتب تشيد بالرئيس التركي في معرض الكتاب.

وقال “نتساءل إذا كان ذلك حاصلًا، فلماذا ولمصلحة من؟ أرجو من مدير المكتبة رفيقنا صالح صالح أن يدقق ذلك و يقدّم تفسيرًا له”.

في حين نشر سفير سوريا السابق في الأردن، بهجت سليمان، تغريدة عبر حسابه في “تويتر” قال فيها إن الكتابين جرى سحبهما من معرض الكتاب، دون ذكر أي تفاصيل إضافية.

دول سفك الدم السوريمشاركة في المعرض

مشاركات عربية وغربية تحدث عنها الإعلام الموالي، مشيرًا إلى وجود 150 دار نشر مشاركة في معرض دمشق، بينها 40 دار نشر أجنبية، من لبنان والأردن والسعودية ومصر والعراق وفلسطين إضافة إلى روسيا وإيران، حسبما ذكرت “سانا”.

إلا أن ما استوقف الموالين للنظام السوري هو مشاركة “دار جرير” السعودية و”دار المنهل” الأردنية في المعرض عبر ممثلين لهما، باعتبار السعودية والأردن لعبتا دورًا “دمويًا” في النزاعات الدائرة في سوريا، بحسب الرواية الرسمية للنظام، ليطالب آخرون بفصل الثقافة عن السياسية.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع