تنظيم "الدولة" أعلنه في "ولاية الخير"
“النفير العام” في دير الزور يدفع الأهالي إلى المجهول
أورفة – برهان عثمان
لا يعرف الشاب أبو حفض (30 عامًا)، أين يذهب مع عائلته في دير الزور، ويقول إن الخيارات قليلة أمامهم، “ربما أفضلها الموت للخلاص من الأرق المضني”، الذي يجهد كاهله في إعالة ثلاث أسر، يعيش معهم في الريف الغربي منذ خمس سنوات، ويصرف عليهم من مردود محل بقالة صغير.
تتنوع الطرق التي تفضي إلى الموت في دير الزور، بين القصف وألغام تنظيم “الدولة الإسلامية”، وصولًا إلى قناصيه وعناصره، وربما يكون نتيجة ينتهي عليها العشرات من الشباب، بعد إعلان التنظيم “النفير العام”، مطلع آب الجاري، في “ولاية الخير” كما يُسميها.
تعتبر دير الزور وجهة لقوىً مختلفة، بين قوات الأسد التي تتمدد تدريجيًا داخلها، و”قوات سوريا الديمقراطية”(قسد)، التي تواجه تنظيم “الدولة” في الرقة حاليًا، وصولًا إلى “الجيش الحر”، الذي يدرس أفضل الجبهات حاليًا للتحرك نحو المحافظة. |
لا أحد في مناطق سيطرة التنظيم، يستطيع التنبّؤ بمآلات دير الزور قريبًا، “فالسؤال جزاؤه الموت عند داعش”، وفق ما يتحدث الشاب الثلاثيني لعنب بلدي، مؤكدًا أن الحديث عن التطورات العسكرية حديثًا، “دفعت بالكثيرين إلى سجون التنظيم أو الإعدام في بعض الأحيان”.
مصيرٌ مجهول
يؤكد معظم الأهالي القاطنين في مناطق التنظيم، على غياب قدرة الأخير على حمايتهم، ورغم أنهم مضطرون للبقاء إلا أنهم لا يستطيعون إخفاء الخوف المرسوم على وجوههم، وفق أبو حفص، “عيون الأهالي يبحثون عن فرج ينقذهم من مصير محتوم في قراهم”.
ويقول أبوعبد الله ( 43 عامًا)، النازح مع عائلته من مدينة دير الزور إلى ريفها، إن الأهالي “لا يعرفون إلى أين يذهبون فبعضهم قصد البادية ويحاول آخرون الابتعاد عن مناطق انتشار عناصر التنظيم“.
دعواتٌ في المساجد
قرارات التنظيم “الجائرة” كما يراها أبو عبد الله، تلاحق الأهالي أينما اتجهوا، ويصف “النفير العام” المُعلن بأنه “الأخطر”، كونه يُجبر الشباب بين 20 و30 عامًا على الالتحاق بصفوف التنظيم والقتال إلى جانبه، من خلال “مكتب المستنفرين” الذي افتُتح حديثًا.
ووفق “أبو عبد الله”، فالخطباء دخلوا الجمعة، 4 آب، مدججين بالسلاح إلى المساجد، مؤكدين أن “كل من يخالف قرار النفير سيعاقب”، داعين من تنطبق عليه الشروط مراجعة التنظيم خلال أسبوع من إصداره.
ويؤكد الأربعيني لعنب بلدي أن القرار ترافق مع تشديد من حواجز التنظيم على المتنقلين بين القرى والمدن التي يسيطر عليها، ومنع خروج المدنيين من مناطقه، “كما تستمر المنابر الإعلامية والدعوية بحشد الناس وتحريضهم على الجهاد في سبيل الله لحماية دولة الخلافة“.
مغتربو المحافظة قلقون على مصيرها
بعيدًا عن سطوة التنظيم وسلطته، يتناقل المغتربون عن دير الزور، أخبار مدينتهم بشكل يومي، قلقين على مصير الآلاف من الأهالي، ويقول عمر العلو (50 عامًا)، الذي يقطن في أورفة التركية، إن “الأخبار الشحيحة أحيانًا وتضخيم بعضها أحيانًا أخرى يضعنا في حيرة”.
ويؤكد عمر أن خوفه ليس فقط على الأهالي، بل على مصير الأرض ومن سيسيطر عليها، “فأمل العودة إلى موطننا يرتبط بمن سيرث أرض التنظيم ويحكمها في المستقبل “.
ويشير الرجل إلى أن تركيبة المدينة السكانية، “تغيّرت إلى حد كبير خلال السنوات الماضية”، لافتًا إلى أن “إحدى حارات المدينة في القسم الذي يسيطر عليه التنظيم تُسمى اليوم حارة الكزخ، نسبة الى عناصر التنظيم الكازاخيين، فضلًا عن آخرين من طاجكستان وبلدانٍ أخرى“.
على ضفاف الفرات تأخذ الأسئلة مداها، وترتسم إشارات الاستفهام في عقول أهالي المحافظة داخل وخارج سوريا، ويبحث الجميع عن إجابات تحمل الأمل في طياتها، علّها تنهي رحلة شقائهم خلال انتظار مصير محافظتهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :