تنظيم “الدولة” خاسر.. مَن الرابح؟
براء الطه
كان من الواضح منذ البداية أن أكبر منتصر من الأطراف المتصارعة في سوريا (رغم أنها جميعًا خاسرة) هو من تكون له الحصة الكبرى من ترِكة التنظيم الراحل. هذه القاعدة كانت مفهومة منذ البداية لذلك كان سعي كل من النظام وقوات سوريا الديمقراطية هو السيطرة على النسبة الأكبر من الأراضي التي احتلها التنظيم، على النقيض من ذلك حُشرت المعارضة العسكرية في جيب إدلب إضافة إلى بعض جيوب الوسط والعاصمة والجنوب.
سوريًّا لم يبقَ في يد التنظيم حاليًا سوى محافظة دير الزور، التي يتولى الجيش والقوات الرديفة القسم الجنوبي والغربي (جنوب الفرات) المعارك فيها مع التنظيم.
من الجهة الشمالية ستكون المهمة ملقاة على عاتق المعارضة المدعومة أمريكيًا إضافة الى قوات سوريا الديمقراطية، في منطقة أهم ما يميزها “الطبيعة العشائرية لسكانها والقومية الواحدة”، لذلك كان لابد من وجود قوات عربية تكون موازية لقوات سوريا الديمقراطية تساعد في عملية طرد تنظيم الدولة. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى سيكون لهذه الخاصية أثر سلبي على قوات سوريا الديمقراطية التي من المتوقع أن تخسر أعدادًا لا بأس بها من عرب المنطقة والمناطق المحيطة ممن التحقوا بصفوفها في حال وجود فصائل ذات قيادات عربية.
فيما تعمل حاليًا الولايات المتحدة على نقل القوات الموجودة في قاعدة التنف إلى منطقة الشدادي، بسبب زوال سبب وجودها (الباطني والعلني) وعمليات الجيش والقوات الرديفة التي أدت إلى تحييدها بالمطلق، وهو ما دفع فصائل مدعومة من قبلها لترك هذه القاعدة إضافة إلى انشقاق قيادات من فصائل أخرى. وكان فصيل مغاوير الثورة من أول تلك الفصائل التي بدأ نقلها إلى منطقة الشدادي، كما سُرّب، وذلك كون أغلب العناصر المنضوية في هذه الفصائل هم من أبناء المحافظة، ما يعطي نوعًا من الطمأنينة لأهالي المناطق التي سيتم طرد التنظيم منها.
المعركة الفاصلة، والتي من المتوقع أن يبدأ بعدها تتابع سقوط القرى والمدن من التنظيم، هي مدينة الصور التي تعتبر المدخل الشمالي للمحافظة.
وسيكون هناك محوران ينقسمان عند الصور إضافة إلى المحور الغربي انطلاقًا من الجزرات، والذي تتكفل به القوات العربية المنضوية مع قوات سوريا الديمقراطية.
محورا الصور هما الصور البصيرة، والصور الصالحية، وينتهيان بعزل القرى الواقعة بين الصالحية والبصيرة، ليُتَابعَ التقدم باتجاه مدينة الميادين وحصارها.
تترافق هذه المعارك مع معارك الجيش للسيطرة على المدينة وما حولها.
لتبقى أخيرًا منطقة البوكمال التي ستكون السيطرة عليها أمرًا بسيط مفروغًا منه كونها ستكون آخر معاقل التنظيم سوريًّا، ويتزامن مع اقتراب القوات العراقية من الحدود.
لكن تقدم هذه القوات يبقى رهين توازن القوى الروسية الأمريكية، والذي يبدو أن كفته الروسية هي الأرجح في هذه المحافظة، وذلك باستخدام عناصر محلية كان النظام قد جهز لها في وقت سابق، ومايزال يعمل على زيادة عددها ورفدها بعناصر جديدة محلية.
وتفيد بعض المصادر الإعلامية أن بعض رموزالنظام قد كثفوا من اتصالهم ببعض الرموز المحلية والقبلية والعشائرية داخل وخارج سوريا، وأعطي بعضهم ضمانات بمسح السجل الجنائي السابق، وإسقاط جميع التهم التي كانت موجهة لهم، وعدم التعرض لهم، واقتسام الغنائم والسيادة المستقبلية، وذلك في حال تنسيقهم مع الجيش السوري أو التحاقهم به من خلال تشكيلات رديفة تسرّع عجلة السيطرة على المنطقة والإمساك بها مع دعم وإسناد من الطيران الحربي.
تجدر الإشارة أخيرًا إلى أن العامل الأهم الذي سيسرع من استعادة المحافظة بشكل عام هو سلاح الإعلام الذي بدأ التنظيم يفقده في الآونة الأخيرة، مقابل تمكّن خصومه من استخدامه ضده.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :