يهتم كُتّاب أمريكا اللاتينية بالأحداث التاريخية عادة، ويركّزون على الاضطهادات التي وقعت بحق بعض الحضارات على يد أبناء حضارات أخرى، فهم أنفسهم ينتمون لقارة ذاقت الويلات من المحتلّ الأوروبي والانقلابات العسكرية حتى زمن قريب.
ادواردو غاليانو ليس استثناء عن ذلك، فكيف لابن منطقة ذات تاريخ ثريّ وإرث حضاريّ موغل في القدم ألا يعبأ بالتاريخ وحكاياه ومظالمه؟ كيف لا يعبأ “أبناء الأيام” بها؟
وهكذا، يختار غاليانو لكتابه تقسيم فصول مختلف عن المعتاد، فهو مجزّأ على 12 فصلًا رئيسيًا يشكّل كل منها شهرًا من أشهر السنة، وكل فصل يقسّم على عدد أيام الشهر الموافق.
يروي لنا إدواردو في كل يوم حكاية، موقفًا، مقطعًا أدبيًا، من مختلف الأزمان، لكن ما يجمعها أنها حدثت في مثل هذا اليوم، ورغم أنه أسلوب شائع في صفحات التقاويم السنوية، إلا أن ما يكتبه إدواردو في تقويمه مختلف وفريد، ملهم وغير متكرر كصفحات تقاويمنا المعتادة، كآلة زمن تنتقل بالقارئ من قصة جرت قبل ميلاد المسيح إلى غزو العراق بنقرة واحدة، وكأن الكاتب يؤكد بأسلوبه السلس والساخر في آن معًا على أن مفاهيم من قبيل الزمن، الحرية، الجمال، الإنسان، الحرب، والظلم، وإن تغيّرت أدواتها إلا أنها مازالت نفسها منذ الأزل وإلى الأبد.
يقع “أبناء الأيام” في 270 صفحة من القطع الصغير، وهو من ترجمة متقنة وسلسة للمترجم صالح علماني، ومن نشر دار دال عام 2013، صدرت النسخة الأولى بالإسبانية عام 2012.
اقتباسات من الكتاب:
هذا العالم مغرم بالموت
ما لا تستطيع كسبه، تعادل فيه. وما لا تستطيع التعادل فيه عقّده.
أليس لك أعداء؟ كيف ذلك؟ ألم تقل الحقيقة، ولم تحب العدالة قطّ؟