جريدة عنب بلدي – العدد الثامن عشر – الأحد – 3-6-2012
فدوى العدوي… معلمة في إحدى رياض الأطفال تبلغ الرابعة والثلاثين من العمر، خرجت متوجهةً إلى عملها صباح الخميس برفقة زوجها وأطفالها الثلاثة، وكانت تمسك بيد طفلها الصغير عندما كان رصاص الغدر سباقًا إلى رأسها ليرسلها عروسًا إلى الجنة قبل وصولها إلى مدرستها…
أطفالها الصغار هناك.. لا يزالون ينتظرون قدومها بفارغ الصبر فمعلمتهم الحنون تأخرت كثيرًَا على غير العادة… من سيتوجنا ويعطينا هدايا تخرجنا اليوم؟؟؟ معلمتي لقد اشتريت أجمل فستان في السوق كي تريني به وألتقط صورة معك أين أنت.. ألا تريدين رؤية فستاني الجديد؟؟؟ معلمتي قارب الدوام على الانتهاء… يا الله أين أنت؟؟ زعلانة مني؟؟؟ لن أزعجك بعد اليوم.. سأكتب واجباتي كلها ولن أقصر أبدًا سأكون طفلًا مطيعًا ولن أغضب ماما بعد اليوم… فقط عودي لأراك ولو قليلاً..
ورغم مناشداتهم، لم تصل فدوى! فطريقها الذي سلكته كان باتجاه آخر…. باتجاه الجنة…
وعلى قارعة الطريق… قلوب محطمة… فالزوج الذي يحتضن طفلتهما البالغة من العمر ستة أشهر هلع لفظاعة ما رآه وتناثر دماغ ودم فدوى ليختلط بثيابه وثياب أطفاله الذين تخمشت أيديهم من شظايا الرصاص وهم يبكون ويصيحون… ماما لا تروحي… ماما… وين رحتي وتركتيني ماما ردي عليي ماماااا..
وفي المساء…. طفلها الذي يبلغ من العمر ثمانية أعوام يروي بلهفة الموجوع المصدوم…. عمتو والله ماما طلعت عينها متل سبونج بوب!! فأي منظر طبع في ذاكرته للصورة الأخيرة لماما… وكيف سينسى غدر الظالم الذي حرمه من أمه ومن النوم في حضنها للأبد… كيف سينسى جرحًا فطر قلبه وصرخات والده وبركة الدماء التي غرقت فيها أمه وكانت نقطة انطلاقها نحو الجنة…