عنب بلدي – درعا
استعادت أحياء درعا البلد وطريق السد بعضًا من سكانها، بعد أشهر من المعارك بين قوات الأسد وفصائل المعارضة، والتي انتهت منتصف تموز الجاري بإعلان لـ “التهدئة” ووقف إطلاق النار، وفق اتفاق رعته روسيا وإيران وأمريكا وإسرائيل.
وعاشت المدينة خلال الأشهر المدينة قصفًا لا يهدأ حوّل المنازل إلى دمار وركام، وباتت عودة الحياة بحاجة إلى الكثير من العمل والجهد، ما استدعى الفعاليات المدنية إلى العمل فور توقف إطلاق النار.
وأطلق “الدفاع المدني السوري” بالتعاون مع الهيئة العامة للخدمات، ووحدات الهندسة بمساهمة ومشاركة شعبية، حملة تحت مسمى “درعا الأمل”، لإعادة نبض الحياة إلى الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في المدينة.
وقال عمر المحاميد، أحد العاملين في الهيئة العامة للخدمات، “لا نتوقع أن تعود الحياة كما كانت، فالمدينة مدمرة بشكل كبير وبحاجة لإعادة إعمار واسع، لكننا نطمح أن نثبت للعالم ولأنفسنا أننا قادرون على النهوض من جديد”.
وتركز الحملة حاليًا على فتح الطرقات، إذ تعمل الفعاليات على إعادة ربط الأحياء ببعضها، وإتاحة الفرصة أمام الأهالي للوصول إلى منازلهم بسهولة، وتنظيف وإزالة القمامة من الشوارع لمنع انتشار الأمراض.
وأوضح المحاميد لعنب بلدي أن “الحملة انطلقت حاليًا في أحياء درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا، على أن تمتد في الأيام المقبلة إلى المزارع المحيطة التي يقطنها آلاف النازحين”.
ولا تغيب المخاطر عن هذا العمل رغم الانخفاض الكبير في عمليات القصف، إذ يتخوف القائمون على الحملة من مخلفات القصف غير المنفجرة، وذلك لكثافة انتشارها بين المنازل وتحت الركام، خاصة بعد استخدام قوات الأسد القنابل العنقودية بشكل كثيف.
وبحسب المحاميد تعمل الفرق المختصة في الدفاع المدني على معالجة هذه المخلفات بشكل متواصل، عن طريق تحذير الأهالي منها، وكيفية التعامل معها في حال مصادفتها.
عودة حذرة للمدنيين
وانعكس اتفاق التهدئة بشكل متفاوت على الأهالي، بين متفائل ومتشائم ومتخوف من المستقبل، بالتزامن مع عودة أكثر من 300 عائلة إلى منازلهم، وإصلاح ما يمكن إصلاحه، تمهيدًا للاستقرار من جديد.
خالد الجوابرة، أحد أهالي درعا البلد، الذي عاد برفقة عائلته من مزارع الشياح، يأمل ألا تكون العودة مؤقتة، وعبّر عن سعادته بالعمل الذي تقوم به الهيئات المحلية لإعادة تأهيل المدينة، مشيرًا إلى أنه “على الرغم من نسبة الدمار الكبيرة، وما تحتاجه من إعادة إعمار لسنوات، إلا أن وجود الخطوة الأولى من قبل من الهيئات الخدمية أمر مبشر بالخير”.
وأوضح خالد لعنب بلدي أنه حتى الآن لم يبدأ بإعمار ما تهدم من منزله، واكتفى بالتنظيف والترميم البسيط، خوفًا من توقف التهدئة والعودة للوضع السابق.
ولم تتضح تفاصيل التهدئة أو ملامح مستقبل محافظة درعا حتى الآن، واعتبر خالد أن “معظم من يرفضون العودة حتى الآن ليس بسبب الدمار، بل بسبب الخوف من المستقبل، فمازالت الدول الموقعة على اتفاق التهدئة تتحفظ على ذكر التفاصيل، “ما فتح المجال أمام الإشاعات التي لا تزيد الأهالي إلا حيرة وخوفًا”.
رغم الجهود المبذولة للهيئات الخدمية في الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة درعا، إلا أن انقشاع غبار المعركة كشف عن مأساة أكبر من قدرة هذه الهيئات على معالجتها، وباتت الأحياء بحاجة إلى حملة إعادة إعمار شاملة، بدءًا من المرافق الخدمية، كشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وصولًا لإعادة إعمار المنازل.