لعب القياديون المصريون دورًا محوريًا في قرارات الحركات والجماعات العسكرية “الجهادية” في سوريا، وتركزت مهامهم بشكل رئيسي على إصدار الفتاوى وأحكام القضاء الشرعي من جهة، إلى جانب اتخاذ القرارات العسكرية المتعلقة بالواقع الميداني على الأرض.
وشهد “اقتتال إدلب”، بين “هيئة تحرير الشام” وحركة “أحرار الشام الإسلامية”، سجالًا بين هؤلاء القياديين، إذ دعا بعضهم إلى “وجوب” قتل عناصر “الأحرار” وإنهاء الحركة بشكل كامل، بينما اعتبر آخرون أن “عنصر الأحرار المقتول في الجنة، وعنصر الهيئة في النار”.
وتعرض عنب بلدي أبرز “الجهاديين” المصريين في سوريا، منهم من تم اغتياله في السنوات الماضية، وآخرون مازالو أصحاب “موقف وقرار شرعي” حتى الآن.
“أبو الخير” قادمٌ من إيران
اسمه الكامل، عبد الله محمد رجب عبد الرحمن، من مواليد شمال مصر عام 1957، وكان يلقب باسم “أحمد حسن أبو الخير”، وأدرجت الولايات المتحدة اسمه على قائمة الإرهاب عام 2005.
دخل المصري إلى سوريا قبل قرابة عامٍ ونصف قادمًا من إيران، وذكرت حسابات “جهادية” أنه كان مسؤولًا عن الأمور اللوجستية وتنقلات “عملاء القاعدة” ممن ينفذون مهام خارجية، باعتبار أنه عمل أواخر الثمانينيات ضمن مجموعة مناصري فكر “القاعدة” في مصر.
قتل في 26 شباط 2017 الجاري، إثر غارة جوية استهدفت سيارته قرب معسكر المسطومة في ريف إدلب، من قبل طائرة دون طيار.
“أبو الفرج” صديق الظواهري
اسمه أحمد سلامة مبروك، ولد في 8 تشرين الثاني لعام 1956، في قرية “المتانيا” التابعة لمنطقة العياط في محافظة الجيزة المصرية.
اعتقل مبروك بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981، وحكم عليه بالسجن مدة سبع سنوات في “قضية الجهاد الكبرى”، وتعرّف في السجن على صديقه الدكتور أيمن الظواهري.
بعد الإفراج عنه عام 1988، سافر أبو الفرج إلى أفغانستان، والتقى مجددًا بصديقه الظواهري، وبدأ معه العمل في “جماعة الجهاد المصرية”.
غادر أبو الفرج إلى سوريا مطلع 2012، وشغل منصب عضو مجلس الشورى في جبهة “النصرة” والتي كانت تتبع تنظيم “القاعدة” آنذاك.
ظهر أبو الفرج في تسجيل مصور بعنوان “ورثة المجد” في آذار 2016، انتقد من خلاله الديمقراطية التي أوصلت الرئيس المصري السابق محمد مرسي إلى حكم مصر، وانقلب الغرب عليها، ودعموا “قائد الانقلاب السيسي”.
ووفقًا لمعلومات عنب بلدي فإن المصري قتل إثر صاروخ موجه استهدف سيارته في قرية الجميلية بريف جسر الشغور، في محافظة إدلب في 3 تشرين الأول 2016.
شريف هزاع: جندي الهيئة في النار
ولد في مدينة القاهرة عام 1957، ودرس الحديث والدراسات الإسلامية في المدينة المنورة في السعودية، ويعرّف نفسه حاليًا بأنه “طالب علم مصري على أرض بلاد الشام”.
عمل مدرّسًا في معهد جماعة التوحيد والجهاد في بيشاور الأفغانية، إلى جانب منصبه كمسؤول للدعوة السلفية، وعضو لجنة الإصلاح في الدعوة السلفية الأم في مصر.
عرف بمعارضته لنظام الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، وشارك في “ثورة 25 يناير” التي انتهت بخلع مبارك، ليتسلم بعده محمد مرسي.
دخل إلى سوريا في أيلول 2012 مرورًا بمدينة اسطنبول التركية، واستقر بداية وصوله في مدينة حلب، إذ تولى مهمة “مدرس شرعي للمرابطين على الجبهات” في جبهة “فتح الشام” سابقًا، والتي انشق عنها في 2016 الماضي.
تصدّر حديث هزاع خلال “اقتتال إدلب”، وأفتى بتغريدة له عبر “تويتر” بأن “جندي الهيئة المقتول في النار قولًا واحدًا، أما جندي الأحرار المقتول في الجنة وشهيد لدفعه صيال المعتدي”.
“أبو اليقظان”.. اضرب بالرأس
اسمه محمد ناجي، ويعتبر أحد القياديين البارزين في حزب “النور السلفي” في مصر.
قدم إلى سوريا مطلع 2013، وعمل شرعيًا ضمن صفوف حركة “أحرار الشام الإسلامية” لثلاث سنوات.
انشق القيادي عن حركة “أحرار الشام”، في أيلول 2016، بعد أن كان شرعيًا في لواء “مجاهدو أشداء”، إلى جانب إلى كل من “طلحة المسير” (أبو شعيب المصري)، وقائد اللواء “أبو حمزة الكردي”، وعناصر اللواء كاملًا.
وانضم اللواء عقب انشقاقه إلى جبهة “فتح الشام” بالكامل، وكان يعمل في حلب، وقدّر مصدر مطّلع في حديثه إلى عنب بلدي حينها تعداده بـ 125 مقاتلًا.
يعتبر “أبو اليقظان” حاليًا أحد أبرز شرعيي الجناح العسكري في “تحرير الشام”، وأفتى خلال “الاقتتال” بجواز قتل جنود حركة “أحرار الشام”، رميًا بالرصاص.
ووجّه رسالة لمقاتلي “الهيئة” بأنه “إذا كان الحاجز لا أستطيع أن أقوده إلا بالقتل، اضرب في الرأس وأنا مسؤول يوم القيامة”.
أبو الحارث في صفّ المحيسني
قيادي مصري سابق في تنظيم “القاعدة”، ودخل سوريا عام 2013 ليعمل في الحقلين الدعوي والقضائي بصفة مستقلة، قبل أن يصبح عضو اللجنة الشرعية في “هيئة تحرير الشام”.
شكّل في تموز 2016 الماضي إلى جانب الشرعي عبد الرزاق المصري، وأبو ماريا القحطاني، وأبو عبد الرحمن مظهر الويس، وعباس شريفة أبو تميم، وأيمن هاروش ما يسمى بـ”تجمع أهل العلم في الشام” لفض النزاعات و”تحكيم شرع الله” بين الفصائل العاملة في الشمال السوري.
ظهر لأول مرة على الأراضي السورية في معارك ريف حماة الشمالي إلى جانب القاضي الشرعي السعودي، عبد الله المحيسني آذار 2017، والتي كانت “هيئة تحرير الشام” الطرف الأبرز فيها.
ورفض أبو الحارث إلى جانب المحيسني الإفتاء بالاقتتال الأخير، واعتبراه فتنةً داعين لإيقافها.
هاني هيكل “قاعدي معتدل”
هاني هيكل انتقل من مصر إلى أفغانستان عام 1984، وانضوى مباشرة في تنظيم “القاعدة” بعد مبايعته أسامة بن لادن، وتدرّج في التنظيم ليُعيّن في وقت لاحق عضوًا لـ “مجلس الشورى”.
دخل “أبو هاني المصري” الأراضي السورية للمرة الأولى عام 2012، بعد مشاورات مع صديقه “أبو أيوب المصري”، المستقيل من “جبهة فتح الشام” العام الفائت.
وكانت قرية “الديك الشرقي” في منطقة تل أبيض شمال الرقة أول منطقة يطأها، ثم انتقل إلى إدلب.
أثناء معارك الشمال السوري بين فصائل المعارضة وتنظيم “الدولة الإسلامية”، مطلع عام 2014، غادر “أبو هاني المصري” إلى تركيا ومنها إلى قطر، حيث أقام فيها أشهرًا، ليعود عقب طرد التنظيم من الشمال السوري، باسم جديد وهو “أبو بصير المصري”، وفق شهادة صديقه محمود الشربيني.
عمل “أبو هاني” قياديًا في الجناح العسكري لـ “حركة أحرار الشام”، بحسب مصادر متطابقة، وعرف عنه “اعتداله”، واتخذ من محافظة إدلب مستقرًا له.
في الرابع من شباط الجاري، أغارت طائرة دون طيار أمريكية على مقر عسكري قرب بلدة سرمدا في ريف إدلب الشمالي، وتسببت بمقتل هاني هيكل وآخرين.