عنب بلدي – درعا
فرض تمسّك قوات الأسد بالأوتوستراد الدولي بين دمشق وعمان نفسه على خريطة درعا، فأصبح القاطنون في مناطق سيطرة المعارضة، والراغبون بالوصول إلى العاصمة مضطرين لسلوك طريق طويل لا يخلو من العقبات، بعد أن كان اجتيازه يكلّف فقط 35 ليرة سورية، ووقتًا لا يتجاوز الساعة والربع.
ورغم تغير الخرائط بين مناطق سيطرة المعارضة وقوات الأسد، وانقسام المواطنين بين مقيم في هذه المناطق أو تلك، بقي تنقّل الأهالي بين الجانبين حاجةً ثابتةً لا مفر منها، سواء للعمل أو السفر أو العلاج.
ثلاثة طرق يعرقلها الاعتقال
ثلاثة طرق رئيسية للانتقال من المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة نحو الأوتوستراد الدولي فالطريق نحو دمشق: الأول مرورًا بحاجز خربة غزالة، والثاني مرورًا بحاجز داعل، أما الثالث يمر عبر حاجز الصنمين، إضافةً إلى طريق عبر محافظة السويداء.
“ليس اجتياز الحواجز سهلًا”، قال إبراهيم الخطيب، أحد سائقي الحافلات العاملة باتجاه العاصمة دمشق، موضحًا “نبدأ العمل مع الفجر وأحيانًا قبل الفجر، إذ نجمع الركاب ونتجهز للوصول إلى الحاجز باكرًا، لأننا سنستغرق وقتًا طويلًا للوصول إلى العاصمة”.
تقف الحافلات عدة ساعات حتى يُسمح لها بدخول الحاجز وبدء التفتيش، وأشار الخطيب إلى أن “التفتيش يشمل كامل الحافلة والركاب والهويات الشخصية، وأحيانًا لا نجتاز الحاجز إلا بساعتين أو ثلاث، لتبدأ بعدها معاناة طويلة على الحواجز العسكرية التابعة لقوات الأسد”.
وأوضح لعنب بلدي أن “بعض الحواجز يكون المرور عليها سهلًا، باستثناء حاجزي مكتب الحطب والسنتر فهما الأشد والأكثر ازدحامًا، ويتعامل عناصر هذين الحاجزين بشكل غير لائق مع المسافرين”.
ويقع الحاجزان على مسافة قريبة من مداخل العاصمة دمشق، ويشتهران باعتقالات تعسفية كثيرة، حيث وثق الناشطون اعتقال قوات الأسد المئات من أهالي درعا عندهما بشكل خاص.
وبحسب السائق “معظم المعتقلين أوقفوا بسبب مكان الميلاد المكتوب على الهوية الشخصية، إذ تعتبر قوات
الأسد بعض بلدات حوران مشبوهة أكثر من غيرها، وتتعمد اعتقال الشباب والنساء منها بشكل تعسفي، لإجراء صفقات مبادلة أو بهدف الضغط على أقاربهم العاملين في صفوف فصائل المعارضة”.
ولا يملك السائق خياراتٍ أثناء تنفيذ الاعتقالات، فعند إيقاف أحد الركاب يطلب عناصر الحاجز إكمال المسير، الأمر الذي لا يمكن رفضه، بينما يحاول بقية الركاب تبليغ ذوي المعتقل بالحادثة.
ظروف تجبر المدنيين على السفر
ربما تطول الرحلة للوصول إلى دمشق، فتتجاوز سبع أو ثماني ساعات، ليصل المسافر بعدها إلى منطقة باب مصلى، التي تعتبر نقطة انطلاق الحافلات من وإلى درعا.
وتتجاوز تكلفة الرحلة ألفي ليرة للراكب الواحد في المواصلات العامة، بينما تتقاضى السيارات الخاصة ضعف المبلغ، على الراكب الواحد.
ولم تمنع هذه المعاناة المدنيين من السفر، فالأسباب التي تُلزمهم التوجّه إلى العاصمة متعددة، خاصة
الطلاب الجامعيين والموظفين أو الباحثين عن علاج الأمراض المزمنة، أو من يرغب بالسفر خارج سوريابعد إغلاق السلطات الأردنية الحدود الجنوبية.
السيدة مريم، والدة أحد المعتقلين في سجون النظام السوري، قالت إنها تسافر شهريًا نحو دمشق لزيارة ابنها
المعتقل، وأشارت إلى أنه “من الصعب على الرجال الذهاب إلى العاصمة، نتيجة التهديد بالاعتقال مقارنة بالنساء، لذلك معظم من يذهب للزيارة أو البحث عن المعتقل هم من النساء”.
ويتوجه ذوو المعتقلين غالبًا إلى سجن عدرا في ريف دمشق، وأوضحت السيدة “غالبًا تتجمع النساء في قرية
ما، وتستأجرن حافلة واحدة لزيارة أقاربهن في السجن، ولا تختلف هذه الرحلة عن غيرها، سواء المعاناة على الطريق، أو الوقت الطويل للوصول”.
“في بعض الأوقات نستغرق ساعات كثيرة على الحواجز نتيجة الأزمة المرورية، أو التدقيق والتفتيش،ويفوتنا موعد الزيارة في السجن، ليذهب كل هذا العناء دون فائدة”.
تحاول مريم اختيار توقيت الزيارة للسفر إلى دمشق بشكل دقيق، وتتجنب الأوقات التي تشهد معارك بين قوات الأسد وفصائل المعارضة، والأيام التي تستنفر خلالها القطعات العسكرية المنتشرة على طول الطريق.