“كوريدور تجاري” جنوب سوريا.. ثلاث دول تنتظر والنظام أكبر المستفيدين
عنب بلدي – مراد عبد الجليل
عائدات مالية كبيرة وانتعاش للتبادل التجاري البري ينتظره لبنان والأردن إلى جانب النظام السوري من فتح معبر نصيب- الرمثا الحدودي بين سوريا والأردن.
الحديث عن عودة الخط التجاري مع الأردن جاء بعد اتفاق الهدنة في جنوب سوريا الذي تمّ التوصل إليه، في 7 تموز الجاري، بتوافق روسي أمريكي أردني، وينص على إقامة منطقة “تخفيف توتر” في درعا والقنيطرة والسويداء.
ويمهد الاتفاق إلى إعادة الحركة التجارية البرية بين لبنان والأردن، عبر “كوريدور تجاري” يمر بالأراضي السورية، بعد توقف منذ ثلاث سنوات بسبب المعارك وسيطرة فصائل المعارضة السورية على المنطقة، ما سيؤدي إلى تحسن كبير في الاقتصاد اللبناني والأردني ودخول ملايين الدولارات إلى خزينة النظام السوري في حال تولى إدارة المعابر، حسب ما يقوله الباحث الاقتصادي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” محمد العبد الله، لعنب بلدي.
لبنان: الممر التجاري أقل كلفة
الحديث عن “كوريدور تجاري” كان مطلبًا ملحًا للمسؤوليين اللبنانين في اجتماعاتهم المتكررة مع نظرائهم الأردنيين، خلال العامين الماضيين، بسبب الضرر الكبير الذي عاناه مجمل الاقتصاد اللبناني من توقفه في 2015.
فإيقاف المنفذ البري الوحيد للبنان مع الأسواق العربية، وخاصة الخليجية، أدى إلى خسائر كبيرة، إذ كانت تمر عبره 70% من الصادرات الزراعية و32% من الصناعات الغذائية، و22% من صادرات الصناعة بشكل عام، بحسب ما نقله رئيس مجلس إدارة ومدير عام المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (إيدال)، نبيل عيتاني، للشرق الأوسط، في 16 تموز الجاري.
وعقب إغلاق الممر توجه لبنان إلى تصدير منتجاته عبر البحر لكن بكلفة كبيرة، إذ صرح نقيب أصحاب الشاحنات اللبنانية، شفيق القسيس، للصحيفة، أن تكلفة النقل البري للشاحنة الواحدة كانت تبلغ 1600 دولار، في حين تصل تكلفة النقل بالجسر البحري أضعاف المبلغ، مشيرًا إلى أن ثلاثة آلاف شاحنة كانت تعمل على الخط البري من لبنان إلى أسواق الخليج عبر سوريا.
وبالرغم من أن تكلفة الشحن البري ستكون أقل، إلا أن صحيفة “الجمهورية” اللبنانية أشارت في تقرير لها أنّ تكلفته عبر الخط الجديد سترتفع بشكل كبير بالمقارنة مع العام 2014، لأن شركات التأمين على الشاحنات تطلب مبالغ أعلى كون المنطقة التي تمرّ فيها “محفوفة بالمخاطر”.
ولا يعرف بعد كيف ستؤثر الضرائب الجمركية الداخلية التي فرضها النظام السوري والمعارضة على البضائع المنتقلة بين مناطق سيطرتهما في درعا، على الحركة التجارية التي يتمّ الحديث عنها.
الباحث محمد العبد الله أكد لعنب بلدي أن لبنان يعتبر من أكثر الدول التي تضررت من إغلاق المعابر وإيقاف الممر التجاري، الذي كان يعتبر شريانًا أو رئة للاقتصاد اللبناني، إذ كان مجموع الصادرات اللبنانية التي تتجه إلى الأسواق الخليجية 65%، مشيرًا إلى أنه عقب توقف الخط التجاري انخفضت نسبة الصادرات 50%، في حين تقدر خسارة الاقتصاد اللبناني باليوم الواحد بـ 2.5 مليون دولار.
سوريا ممرّ الأردن لأوروبا الشرقية
الأردن لم تكن أقل تضررًا من لبنان، إذ يعتبر الممر التجاري عبر سوريا المنفذ الوحيد وجسر عبور أمام الشاحنات الأردنية المتجهة إلى لبنان وتركيا ودول البلقان، والتي تشكل نسبة لا بأس بها من الصادرات الأردنية.
وبحسب بيانات التجارة الخارجية الصادرة عن دائرة “الإحصاءات العامة الأردنية”، فإن الصادرات الأردنية إلى سوريا خسرت حوالي 83.7% خلال السنوات الخمس الماضية، وانخفضت قيمة الصادرات من 183 مليون دينار في 2011 إلى 29.8 ميلون دينار في 2016، بمقدار خسارة بلغت 153.2 مليون دينار.
في حين سجلت الصادرات خلال الثلث الأول من العام الجاري 9.9 مليون دينار، بدلًا من 12.5 مليون دينار لنفس الفترة من العام الماضي بنسبة انخفاض تصل 20.8%.
العبد الله أكد أن كمية تصدير الخضار الأردنية عن طريق سوريا كانت بمعدل يتراوح بين 400 إلى 700 طن يوميًا، كما كان عدد الشاحنات الأردنية الداخلة إلى سوريا يوميًا بين 50 إلى 60 شاحنة.
وعقب إغلاق المعبر أصبح لدى الأردن أزمة في الصادرات التي بدأت تتجه نحو دول الخليج، أو من ميناء العقبة عبر ميناء طرطوس، ما يؤدي إلى تكاليف باهظة، وخسارة كبيرة، وهذا ما أكد عليه النائب الأول لرئيس غرفة تجارة الأردن، غسان خرفان، لوكالة “الأناضول” في نيسان 2016، بأن خسائر المملكة من إغلاق الحدود مع سوريا والعراق نحو ملياري دولار.
الدولار همّ النظام الوحيد
العبد الله أكد أن النظام السوري سيكون أكثر المستفيدين من “الكوريدور التجاري” بين لبنان والأردن، بسبب تحقيقه عوائد مالية ضخمة من “الجمركة والترانزيت”، إضافة إلى رفد خزينته بالقطع الأجنبي، التي تعتبر همّه الوحيد من المعابر.
ولم يتم الإعلان بعد عن الجهة التي ستتولى إدارة المعابر الحدودية بين سوريا والأردن، وبالرغم من أن صحيفة “الشرق الأوسط” نقلت عن مصادر وصفتها بالمطلعة بأن مجموعات سورية محايدة ستكون مسؤولة عن النقاط الحدودية، إلا أن العبد الله أشار إلى أن “السؤال المهم الذي يجب أن يطرح من هي الجهة التي ستستلم إيرادات المعبر المقدّرة بالملايين”.
وتوقع الباحث أن يتولى النظام إدارة المعابر قائلًا “المتتبع لأمور المعبر منذ ثلاث سنوات يجد أن الأردن رفضت أن تسيّره المعارضة السورية، بالرغم من وجود كادر كامل ومؤهل، بسبب رفضها التعامل مع الحكومة المؤقتة ونيتها التعامل مع دولة وحكومة قائمة (باعتقادها) بالرغم من تؤثر الاقتصاد الأردني وخسائره”، مشيرًا إلى أن الأردن لو كان يريد تسليم المعبر إلى الفصائل لتم ذلك منذ سنوات.
ما هي المعابر بين سوريا والأردن؟
ترتبط الأراضي السورية مع الأردنية عبر معبرين، الأول نصيب ويقع بين بلدة جابر الأردنية في محافظة المفرق وبلدة نصيب السورية في محافظة درعا، وبدأ العمل بإنشائه في 1991، يعتبر من أكثر المعابر ازدحامًا على الحدود السورية، وله أهمية استراتيجية للمصدّرين السوريين إذ يقع على الطريق الدولي الواصل بين دمشق وعمان.
وسيطرت فصائل المعارضة السورية على المعبر، في نيسان 2015، بعد انسحاب مقاتلي الأسد منه، ما دفع الجانب الأردني إلى إغلاقه، على خلفية السرقات التي تمت فيه.
وعلى الرغم من تشكيل المعارضة السورية للجنة مدنية لمتابعة واستلام أمور المعبر، والتكفل بتنظيمه وإدارته كما هو الحال في معبر باب الهوى على الحدود التركية، إلا أن ذلك قوبل برفض أردني حتى الآن، بالرغم من الخسارة المالية الكبيرة للاقتصاد الأردني.
أما المعبر الثاني بين الحدود السورية الأردنية هو الرمثا ويسمى مركز درعا الحدودي ويعتبر من أقدم المراكز الحدودية في الأردن.
وتسيطر فصائل المعارضة السورية على المعبر الذي كان مخصصًا لحركة عبور المسافرين، في حين يعتمد أصحاب الشاحنات على معبر نصيب لأن معبر درعا يؤدي إلى المدينة مباشرة في حين يؤدي نصيب إلى الأوتوستراد الدولي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :