لعلّ رواية ألواح ودسر من أبرز ما كتبه المؤلّف العراقي أحمد خيري العمري في المجال القصصي، والذي تتجلى فيه أفكار كتبه ذاتها بأسلوب بسيط وسلس في آن معًا.
تقع الرواية في قرابة 400 صفحة من القطع الصغير، نُشرت عن دار الفكر عام 2009، ولاقت انتشارًا كبيرًا وإعجابًا من جمهور العمري.
للوهلة الأولى، ستبدو الرواية عن النبي نوح (عليه السلام)، وبناء سفينة خالفت ظنون المستهزئين به فأنقذت فيما بعد مخلوقات الأرض من الطوفان. لكن مع المزيد من القراءة، يمكن للقارئ أن يستكشف للنص أبعادًا أخرى خارج إطاريه الزماني والمكانيّ، فيرى فيها قصّة صراع الحقّ والباطل في كلّ نفس بشريّة.
ولعلّ نور، بطل الرواية وطفله الذي لا يكبر، يخاطب بلغة ما الطفل في داخل القارئ.
تحكي الرواية قصة الطوفان بلسان “نور”، وهو طفل صغير عايش الأحداث ورآها بعينيه، وبرمزيّة واضحة نرى إسقاطات كل ما يعيشه في حياتنا المعاصرة، الاستهلاكية التي لطالما ذكرها العمري في كتبه نجدها حاضرة هنا، وعقدة النقص تجاه الغرب وفردوسهم المستعار نجدها هنا أيضًا في تعبيره عن مدينة الرجل الأبيض وتعظيم كل ما هو قادم منها، كمنتج “الكولا لولا”، إضافة لمنحه شخصيات الرواية أسماء معبّرة عن صفات حامليها، مثل السيدة نميمة، السيدة تفاهة، السيد عبد المال، وسواهم.
الرواية محمّلة بالأفكار، ومكتوبة بأسلوب ممتع، ما يجعل قراءها من مختلف الفئات العمرية، وأسلوب الكتابة فيها مناسب بشكل كبير للمراهقين.
“اسمع يا نور.. إننا لا نكبر حقًا إلا عندما نضيف شيئًا إلى ما حولنا، إلى هذا العالم. وتذكر دومًا أننا لا نكبر حقًا إلا بقدر ما نضيف، بقدر ما نقدم من إضافة”.