أسماء رشدي
يبلغ أحمد من العمر ست سنوات، تشتكي والدته بأنه طفل “زنّان” وكثير الطلبات، يعني لو طلب منها شراء لعبة سيارة له، واشترتها، فإنه سوف يلعب بها لمدة ساعة مثلًا ثم بعد ذلك يمل ويبدأ من جديد بطلب شيء آخر، والزنّ من جديد، مثلًا الخروج للعب مع أولاد الحي بغض النظر عن انشغال أو عدم انشغال والدته.
إن الطفل الزنّان هو الذي لم يتعلم الصبر ولا يملك القدرة على الانتظار، وإذا لم يحصل على ما يريد في نفس اللحظة فإنه يغضب أو يرمي نفسه على الأرض أو يبدأ بالصراخ والبكاء لاستدرار شفقة الآخرين، أو التمادي في الإلحاح على طلب الأشياء، أمام الآخرين على وجه الخصوص.
إن معظم الأمهات في هذه الحالة سوف يقمن إما بتعنيف الطفل حتى يتوقف، أو يستجبن له وينفذن طلباته حتى يرتحن من الزنّ، فبعض الأطفال لديهم قدرة على الإلحاح المتواصل بطريقة قد تكون مستفزة بشكل كبير.
بالطبع كلا الأسلوبين لن يحلا المشكلة، بل سيفاقمانها ويتركان آثارًا سلبية إضافية على شخصية الطفل. لذلك هناك بعض التعليمات التي قد تسهم في الحد من هذه المشكلة:
قبل كل شيء لا بد من لفت النظر إلى أن الزن قد يكون وسيلة الطفل للفت انتباه والديه له. مثلًا قد يكون بحاجة لقضاء وقت معهما. فكلما كانت لدينا القدرة على تلبية احتياجات أطفالنا النفسية بطريقة إيجابية، كلما تجنبنا سلوكيات سلبية للفت الانتباه قد تنجم عنها. بهذه الحالة يفضل قضاء وقت أطول كل يوم مع الطفل لفعل أي شيء يرغب به.
ومن الممكن أن يكون هذا السلوك بسبب التدليل الزائد وإجابة طلباته دائمًا، أو بسبب الشعور بالملل أو تقليدًا للآخرين.
ومن المفيد أيضًا التوضيح للطفل الفرق بين سلوك الزن وبين سلوك الطلب العادي في وقت يكون مناسبًا له وللوالدين، يعني ليس في وسط ثورة غضبه، وإنما في وقت يكون كلا الطرفين في حالة هدوء، وبأنه لن تستجاب طلباته عند قيامه بالإلحاح.
- التجاهل: عليك أن تتجاهلي الصراخ وأن يكون لديك القدرة على تحمل وامتلاك أعصابك، وأن تؤكدي للطفل أنك لن تركزي معه، طالما استمر في هذا السلوك.
الطفل ليس لديه القدرة على الصبر، ولكن نعلمه ذلك من خلال طريقة تعاملنا معه. تذكر أن كل ما يستطيع القيام به الطفل هو “الزنّ”، وكل ما تستطيع القيام به أنت هو الثبات على موقفك، المهم هنا هو من يستطيع الصبر أكثر، أنت أم طفلك؟ - تعبيرات الوجه: يجب أن تدل على الحزم والثبات على الموقف، مع الابتعاد عن التعبيرات التي تعطي للطفل بأنك على وشك الاستسلام، لأنك بذلك تعطين الطفل شعورًا بأنه إذا استمر بذلك فإنك في النهاية سوف تملين وتستجيبين له.
- ابتعدي عن الضرب: من الممكن أن يسكت طفلك في حال ضربه، لكن ذلك سوف يترك تأثيرًا سلبيًا على شخصيته.
- علميه الصبر: دربي الطفل على أنك سوف تلبين احتياجاته حالما تنتهين مما تقومين به، وبعد ذلك لو استمر بالصراخ والزن لا تستجيبي له. يجب أن يتعلم أنه من الممكن أن تلبى طلباته ولكن بعد الانتظار، ولا تنسي ما طلبه حتى لا تضيع ثقته بك.
- ضعي قواعد لطلبات الطفل والتزمي بها: مثلًا هناك أوقات معينة للخروج من البيت للعب، وأوقات للنوم ومشاهدة التلفزيون. وتذكري دائمًا أن الطفل سوف يختبر صبرك على تنفيذ هذه الأوامر. بهذه القواعد فإنك تعطين الطفل شعورًا بالأمان وبنفس الوقت تعلمينه بأنه لن يحصل على ما يريد بنفس اللحظة.
- اشرحي له سبب عدم قبولك لما يزنّ من أجله، وبعد ذلك تجاهلي كل تصرفاته من صراخ وبكاء. سوف يتعلم أن هذا السلوك لن يأتي بأي نتيجة مع الوقت.
- شجعي الطفل وادعميه عند قيامه بأي سلوكيات إيجابية، وابتعدي عن وصمه بصفات “أنت طفل نقاق” أو “لا تسمع كلام ماما”، فمثل هذه الكلمات سوف تؤثر عليه وتدفعه للاستمرار بتصرفاته المزعجة.
- اثبتي على موقفك: لا تهتمي لكلام الناس الآخرين من حولك، افعلي ما ترينه مناسبًا، فلست بحاجة لإثبات حبك وكرمك مع أطفالك للآخرين.
- اتفقي مع كل الأطراف التي تعيش في محيط الطفل على نفس هذه التعليمات. حتى لو كان هناك الجد أو حتى الأب الذي يستجيب لكل ما يريده طفله، عليك أنت كأم الاستمرار في هذه السياسة.
بعض الأمهات تدعي أنها كلما وضعت قوانين وحاولت الالتزام بها، تقوم أطراف أخرى، كالأقارب مثلًا، بهدم ما تقوم به. في هذه الحالة عليك أن تبقي بما أنت بما عليه، والاستمرار في نصح الآخرين، فذلك ليس عذرًا.
الموضوع ليس سهلًا ويحتاج إلى قدرة على الصبر، بعض الأمهات غير صابرات، لكن عليهن المحاولة، التربية لن تحصل بين يوم وليلة.