أضحى الحصول على اللجوء إلى الدول الأوروبية هدف معظم اللاجئين السوريين في دول الجوار، وخاصة في لبنان، إذ لا يختلف حالهم كثيرًا عن أولئك المحاصرين في سوريا من حيث الوضع الاجتماعي المزري الذي يعيشونه، في الوقت الذي انهارت فيه أعمالهم وأحوالهم المادية، مع عدم وجود أفق واضح للعودة إلى أرض الوطن.
من يحصل على لجوءٍ إلى أوروبا أو الدول الغربية بالعموم -بنظر البعض- تفتح له أبواب الراحة وأسباب السعادة، فالسكن المريح مؤمنٌ بالمجان، والمدارس والجامعات المصنفة في المراتب العليا عالميًا، إضافة إلى الراتب الشهري الذي يصل في إحدى «جنان أوروبا» إلى 350 يورو للشخص الواحد يصل إلى باب بيته دون عناء، وحيث لا خوف من ملاحقة أو حاجز لجيش عربي أو طائفي يشتفي منه لأنه من منطقة كذا أو من ملة كذا..
ألمانيا، السويد، كندا، النرويج، إيطاليا وفرنسا، فتحت أبواب اللجوء للسوريين، وفرضت شروطًا لقبول المتقدم باللجوء ربما تطابق الشروط المتوفرة في قلة قليلة من المتقدمين. وأهم هذه الشروط، أن يكون مسجلاً لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين.
يحصل اللاجئ على حق الإقامة في ألمانيا ضمن ثلاث فئات، هم ذوو الأوضاع الإنسانية الصعبة مثل الجرحى والمصابين والأيتام والنساء الأرامل مع أطفالهن، والفئة الثانية هم الأشخاص المرتبطون بألمانيا بطريقة ما، كأن يكون لديهم أقارب في ألمانيا أو يتحدثون اللغة الألمانية. أمّا الباقون فأولئك الذين يتمتعون بمهارات ومؤهلات مميزة ويمكن لهم بعد انتهاء النزاع أن يعودوا إلى بلدهم ويساهموا في إعادة إعماره، في حين أن البسطاء ذوي التعليم المقتصر على الكتابة والقراءة هم في المرتبة الدنيا للقبول في المفوضية العليا في لبنان التي تختار من اللاجئين من هم أهلٌ لـ «تبيض الوش» أمام داعميها، حسب ما قال محمد، وهو أحد الطلاب الجامعيين الذين حرموا من الدراسة بسبب الأزمة في سوريا.
ثم تقوم المفوضية بترشيحهم إلى إحدى السفارات، بحسب الطريقة الرسمية للجوء، لكن ماذا بالنسبة إلى أولئك الذين لا تنطبق عليهم الشروط.
انتشرت مؤخرًا في لبنان ظاهرة «السمسرة»، وذلك بدفع مبلغ يقدر بـ 200 دولار لسماسرة يعلم بعض اللاجئين أنهم نصابون أو محتالون، ولكن سوء الحال وصعوبة الظروف التي يعيشونها دفعتهم إلى المغامرة، فلربما تأتي رمية من غير رامٍ، والغريق يتعلق بقشة، فيدفعون آخر ما يدّخرون من مال إلى سماسرة يزينون الأمر لزبون اللجوء المسكين، حتى يبدو له أقرب إلى الحقيقة مما هو أخفى.
لكن السمسار حالما يأخذ المال لا يلبث أن يختفي عن الأنظار، ويبدأ اللاجئ بملاحقته شهرًا بعد شهر بلا جدوى. هكذا شرح «مؤمن» أحد نازحي مدينة داريا قصته، والذي دفع مئة وعشرين دولارًا لأحد السماسرة مقابل تأشيرة اللجوء إلى كندا دون أن يحصل عليها.
طلبات اللجوء التي بلغت بحسب المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين ما يزيد عن 100 ألف طلب إلى ألمانيا وحدها لغاية الشهر الماضي، تعكس حجم تهافت السوريين على بوابات سفارات الدول الغربية، وسط توقعات بتضاعف هذه الأعداد مستقبلًا في حالة من تشتت السوريين وتفكك أواصرهم الاجتماعية.