حلول “فورية وعاجلة” لعودة المياه إلى بحيرة مزيريب
عنب بلدي – درعا
أثار مشهد بحيرة المزيريب بعد انحسار مياهها، واتكاء القوارب الخشبية على أرضها الجافة، صدمة كبيرة لدى أهالي مدينة درعا، إذ تعتبر خسارة كبيرة لأبرز المعالم السياحية في المحافظة، بعد أن كانت نقطة استقطاب للزوار والسياح من داخل المنطقة وخارجها، نظرًا لجمالها وصفاء مياهها، إلى جانب وفرة الأشجار في محيطها.
كما أنها مصدر رئيسي للمياه تعتمد عليها مدينة درعا والمناطق المحيطة بها، للحصول على المياه الصالحة للشرب.
ووجهت عدة نداءات في الأيام القليلة الماضية لإنقاذ البحيرة، والحد من الأسباب التي أوصلتها إلى هذه الحالة، ومنها عمليات حفر الآبار واستجرار المياه.
تعدّيات المزارعين سبب رئيسي
واعتبر المهندس الزراعي، أبو يمان المسالمة، أن “المختصين توقعوا الانحسار الذي أصاب البحيرة في وقت سابق”، مشيرًا إلى أنها “ليست مفاجئة، إذ تعرضت خلال السنوات الثلاث الماضية تحديدًا إلى انخفاضات جزئية في منسوب المياه، وغابت الإجراءات اللازمة لمواجهة هذا الخطر، لكن ما أصابها هذا العام كان أسرع من المتوقع”.
وأوضح في حديث لعنب بلدي أن “التعدّيات على البحيرة ارتفعت بشكل كبير خلال هذا العام نتيجة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، ما أدى إلى تسارع وتيرة انحسار المياه حتى وصلنا إلى درجة قريبة من الجفاف”.
وتعتبر مضخات المياه التي استخدمها عدد من المزارعين بهدف استجرار المياه من البحيرة بشكل غير مشروع أحد أهم الأسباب، إلا أنها ليس أشدها خطورة.
وبحسب المهندس “تعتمد البحيرة في تزويدها بالمياه على مجموعة من الينابيع تعرضت لاعتداءات في الآونة الأخيرة، تمثلت بحفر أعداد كبيرة من الآبار في المناطق القريبة منها، الأمر الذي أدى إلى خسارة مردود من المياه لصالح هذه الآبار”.
واعتبر المسالمة أن “عدم انتظام التغذية الكهربائية على محطات ضخ المياه دفعت الحاجة إليها، إذ اتجه كثير من الأهالي نحو حفر الآبار، سواء في مزارعهم أو منازلهم، ما انعكس على الينابيع المغذية للمسطحات المائية بشكل كبير”، لافتًا إلى أن “بحيرة زيزون تعرضت لما تتعرض له بحيرة المزيريب اليوم”.
ما الحلول؟
وحول الحلول المطروحة لإنقاذ البحيرة من الجفاف بشكل كامل، أشار المهندس إلى أنها تنقسم إلى نوعين “فورية وعاجلة”، وأخرى “على المدى البعيد”.
وأوضح أنه يجب في البداية إيقاف كامل عمليات استجرار المياه من البحيرة وإغلاقها بشكل كامل، وانتظار فصل الشتاء لمراقبة هطول الأمطار، ومقدار التغذية الواصل للبحيرة من مياه الينابيع.
أما على المدى البعيد يعتبر “فرض القيود على حفر الآبار في مقدمة المطالب، إذ يجب إعادة النظر في فوضى حفر الآبار، وكذلك يجب تنظيم معدلات استجرار المياه من الينابيع المغذية للبحيرة، وأن تكون الأولوية للبحيرة في المقام الأول، ثم الآبار الجانبية”.
الزراعة تفرض نفسها على مياه المحافظة
من جانب آخر يرى أحد مستثمري الأراضي الزراعية في ريف درعا الغربي، ويدعى يحيى الغانم، أن “المزارع مجبر على استخدام مصادر المياه المتوفرة أيًا كانت”، مشيرًا إلى أن “كمية المياه المخصصة لسقاية الأراضي الزراعية انخفضت بشكل كبير، نتيجة توقف بعض محطات ضخ المياه، ما دفع المزارع للبحث عن أي مصدر للمياه لسقاية محصوله الزراعي”.
وأشار في حديثه لعنب بلدي إلى أن “الحلول لا تكون بالتضييق على المزارعين، بسبب اعتماد محافظة درعا على الزراعة بشكل رئيسي، بل بإعادة العمل على مضخات المياه المتوقفة، والبحث عن مصادر المياه المتجددة”.
وحذّر من خطر تراجع نسبة الأراضي الزراعية بشكل أكبر مما هي عليه اليوم، إذ تعتبر مصدر دخل عشرات الآلاف في المحافظة، على الرغم من معاناة المزارعين، بدءًا من مستلزمات الزراعة، ووصولًا إلى مخاطر احتراق المحاصيل.
ووفق رؤية الغانم يؤدي التضييق على المزارعين بحرمانهم من المياه إلى عزوف كبير وخسارة المحافظة لواحد من أهم مصادر دخلها، معتبرًا أن “المعنيين بالحفاظ على الثروة المائية في درعا سيقفون أمام تحديات كبيرة في الفترة المقبلة”.
وسط ما تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في درعا، من جهود حثيثة لمواجهة السعي الدائم من قوات الأسد لإفساد الحياة المدنية فيها، ينتقد كثيرٌ من المتابعين الاهتمام الكبير بالجوانب العسكرية والإغاثية على حساب المشاريع البيئية، فبعد تراجع نسبة الأراضي المزروعة وعمليات التحطيب الجائر بحق الغابات والأحراش الخضراء، وصلت الفوضى اليوم إلى المسطحات المائية، التي تمثل المخزون الاستراتيجي من المياه إلى عموم المنطقة الجنوبية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :