تطمينات الأسد تعيد مهجري الوعر إلى حيّهم

  • 2017/07/16
  • 1:16 ص

حي الوعر في مدينة حمص 5 آذار (عنب بلدي)

عنب بلدي – خاص

يعود حي الوعر الحمصي إلى الواجهة مجددًا، بعد أقل من ثلاثة أشهر على الاتفاق الذي أفضى إلى إخلاء مقاتليه وعائلاتهم، ولكن بصورة عسكية، تمثلت بعودة مئات الأشخاص من مخيمات النزوح في ريف حلب الشمالي إلى حمص.

وبلغ عدد العائدين إلى الحي 551 شخصًا، نقلوا عبر حافلات تجمعت في بلدة تادف، الخط الفاصل بين سيطرة “الجيش الحر” وقوات الأسد شرق حلب، واستقبلهم محافظ حمص، طلال البرازي، إلى جانب عضو لجنة المصالحة أدهم رجوب، ومدير أوقاف المدينة، عصام المصري.

وقال بركات الحمصي، أحد مهجري الحي والمطّلع على ملف العودة، إن أغلب الأشخاص الذين عادوا هم من كبار السن، والنساء اللواتي فقدن أزواجهن في المعتقلات في وقت سابق ولم يبقَ لهنّ أي معيل.

وكثرت الأسباب التي دفعت الأهالي إلى العودة، فبينما عزاها البعض إلى سوء الخدمات المقدمة للمهجرين في المخيمات، وصعوبة العيش، اعتبر آخرون أنها عملية يسعى من خلالها النظام السوري لاستدراج المزيد من الدفعات في الأيام المقبلة.

محلي جرابلس: هم جاؤوا ليعودوا

رئيس المجلس المحلي في مدينة جرابلس، عبد خليل، قال إن الخدمات في مخيمات أهالي حي الوعر متوفرة بشكل أكبر من جميع المخيمات الأخرى، إذ يوزع الخبز مجانًا إلى جانب وجبة غداء تقدم للأهالي بشكل يومي، بالإضافة إلى نقطتين طبيتين تقدمان الخدمات الطبية اللازمة.

وأوضح خليل لعنب بلدي، أن “الماء متوفر والكهرباء مُدّت في جميع ساحات المنطقة، إضافةً إلى مواصلات مؤمنة للأهالي، على خلاف ما ذُكر في الأيام السابقة لعودة بعض الأشخاص، الذين عزوا العودة إلى الخدمات السيئة وغير الموجودة”.

“هم جاؤول ليعودوا”، قال خليل، معتبرًا أن “بعض النازحين منهم لم يتحمل الإقامة في خيمة، على الرغم من الجهود التي قدمت سواء من قبل المجلس المحلي في مدينة جرابلس، أو منظمة (آفاد) التركية المسؤولة بشكل أساسي عن المخيمات”.

لكن الشاب محمد عيسى، أحد المهجرين من حمص، قال لعنب بلدي إن السبب الرئيسي لعودة بعض الأشخاص هو سوء الخدمات، وخاصة خلال موجة الحر الأخيرة، إذ لم يتحمل الأهالي العيش داخل خيمة لا تتجاوز مساحتها بضعة أمتار، مشيرًا إلى أن “أغلب الأهالي كانوا يتوقعون أن السكن في المخيمات مسألة مؤقتة لن تتجاوز شهرًا واحدًا”.

واعتبر أن “معظم المهجرين لا طاقة لهم على السكن في بيوت الريف الشمالي لحلب، إذ تتجاوز أجرة البيت الواحد 100 دولار شهريًا، الأمر الذي يجبرهم على العيش في الخيمة”.

وأكد الشاب ما ذكره المجلس المحلي من حيث الخدمات، لكنه قال إن ذلك لا يكفي مقارنة بالعدد الكبير للنازحين، موضحًا أن “الخدمات تغطى بنسبة 60%، وتتوفر المياه من بئر حفر بشكل خاص لأهالي المخيم إلى جانب الصهاريج، ومُدت الكهرباء في كل قطاعين، عن طريق مولدات نشرها المجلس والمنظمة المسؤولة”.

وبحسب المجلس المحلي، يقطن في مخيم زوغرة المخصص للمهجرين من حي الوعر حوالي ثمانية آلاف شخص، إلى جانب 1500 في مخيم عين البيضا، عدا عن عدد كبير في مدينتي جرابلس والباب.

فوضى السلاح شرق حلب

وبحسب إحصائية حصلت عليها عنب بلدي بعد الانتهاء من اتفاق إخلاء حي الوعر، بلغ عدد المهجرين أكثر من 25 ألفًا، بينهم 14 ألفًا توزعوا في مخيمات وبلدات ريف حلب الشمالي والشرقي.

ونالت مدينة الباب النصيب الأكبر في استقبال أهالي الوعر، وذلك لرخص الإيجارات فيها قياسًا بمدن الريف الحلبي الأخرى، كونها آخر مدينة طرد منها تنظيم “الدولة الإسلامية”، وتضررت أبنيتها السكنية بشكل كبير.

وشهدت في حزيران الماضي اشتباكات ومواجهات عسكرية بين فصائل عسكرية منضوية في “الجيش الحر”، وتزامنت معها “استفزازات” من بعض الأشخاص تجاه نازحي الحي “حاولوا خلق فتنة والمزاودة على بعض الأهالي”.

وأشار الشاب محمد عيسى إلى أسباب ثانوية دفعت بعض الأشخاص إلى التفكير بالعودة إلى حيّهم، وهي بعض الدعوات من قبل أشخاص معظمهم من العسكريين لطرد المهجرين من الباب، على خلفية الاقتتال الذي جرى آنذاك، إذ ينضوي العشرات من مقاتلي الوعر في التشكيلات العسكرية الرئيسية في ريف حلب، وكان أبرزها “فرقة السلطان مراد”.

ونوّه إلى كتابات خطت على الجدران، منها “الغريب إما أن يبقى أديب، أو بدنا ندوسو بالصرماي”، الأمر الذي ولّد “سخطًا”، ازداد بسوء الوضع المعيشي.

وبعد أيام من اندلاع المواجهات بين فصائل المدينة، اغتيل قياديان من مدينة حمص، هما “قائد ثوار الخالدية”، فايز الدروش الملقب “أبو هلال”، وحسان النمر الملقب “أبو عمار”،  بعبوة ناسفة زرعت أمام مقرهم في المدينة.

خطّة من النظام يتولاها رجّوب

في مقطع صوتي حصلت عليه عنب بلدي، في 10 تموز الجاري، لرئيس لجنة حي الوعر، أدهم رجوب، طالب فيه جميع المهجرين بالعودة وتسوية أوضاعهم.

وقال إن الأشخاص المنشقين والمطلوبين عسكريًا سيقومون بتسوية أوضاعهم وتأدية الخدمة داخل مدينة حمص، إضافةً إلى عودة طالب الجامعة إلى جامعته.

واشترط رجوب عودة العائلة كاملة بحسب ما وردت أسماؤها في دفتر العائلة دون نقصان أحد من أفرادها، كما أن النظام السوري غير مسؤول عن نقل الأغراض رافضًا إرسال شاحنات لنقل الأمتعة.

وقال الشاب محمد عيسى إن “الشباب الذين عادوا ضمن الدفعة سينضوي معظمهم في صفوف قوات الأسد”، مشيرًا إلى أن السبب الأهم لعودة بعض المتعلمين هو انعدام فرصة العمل، إذ لم يحصلوا على أي فرصة في ريف حلب، وحصرت الأعمال بأهالي المنطقة فقط.

وأوضح أنه “على مستوى مشروع الدعم النفسي لساكني المخيمات، سُلّم المسؤول عنه لشخص من مدينة جرابلس بعد أشهر من الدراسة، بعيدًا عن مثقفي الحي”.

ويحاول النظام السوري استغلال عودة العائلات إلى منازلهم في الحي، لإظهار أن الأمور طبيعية، في وقتٍ تعيش فيه مناطق المعارضة أوضاعًا اقتصادية متردية، خاصة في مخيمات النازحين.

وتخوف ناشطون من مدينة حمص من دفعات متلاحقة تتبع الدفعة الأولى، خاصة في ظل خطة يسعى وراءها النظام السوري، ويتولاها رجوب، إذ من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة عودة دفعات أخرى من مهجري الحي، الأمر الذي ينذر بواقع جديد ينعكس بشكل إيجابي لصالح النظام السوري.

من هو أدهم رجوب؟

أدهم مختار رجوب من سكان حي الوعر غرب حمص، شغل منصب عضو لجنة وجهاء حي الوعر في عامي 2011 و2012، وعرف بعلاقته الوثيقة بمخابرات وأفرع النظام السوري الأمنية إلى جانب اثنين من إخوته (عمار، ومالك) قبل أحداث الثورة.

وكان له النشاط الأكبر في مطلع أحداث الثورة السورية، بإخراج المعتقلين لقاء مبالغ مالية و”تسويات سرية”، إضافةً إلى التسهيلات التي حصل عليها آنذاك من قبل الأفرع الأمنية الأربعة لمدينة حمص.

اتهم “الوسيط الحالي” بسرقة منازل وسيارات ومحلات الأهالي في الوعر، إلى جانب بيوت المدنيين في أحياء الحمدية، الإنشاءات، الغوطة، وذلك في الأشهر الأولى للثورة السورية، أثناء اندلاع المظاهرات في الأحياء المذكورة.

كما وجهت ذات الاتهامات إلى أبناء عمومته، وخاصة مرهف رجوب، بالإخبار عن أسماء المتظاهرين ضد النظام السوري في سنوات الثورة الأولى.

إلا أن عددًا من أبناء العائلة المشهورة في مدينة حمص، نفوا جميع هذه التهم، وطالبوا مشايخ مدينة حمص بالحد من هذه الاتهامات التي ألصقت بهم.

بعد سيطرة فصائل “الجيش الحر” على حي الوعر بفترة قصيرة، احتجز رجوب مع إخوته لدى الفصائل في الحي بتهمة تشكيل فرقة قناصين لاغتيال قياديين عسكريين في الوعر، وقتل على إثرها أخاه مالك بعد أقل من 24 ساعة على احتجازهم.

وكان قرار الاحتجاز صدر حينها من قبل رئيس الهيئة الشرعية في الحي، الشيخ حوري عثمان، وذلك بعد كشف مهام كلفوا بها لقتل كل من “أبو حيدر حاكمي”، و”أبو عبد الله الصديق”.

وخلال فترة الاحتجاز، التي استمرت حتى سيطرة قوات الأسد على الحي بالاتفاق الأخير، طالب عدد من أهالي الحي بتصفيته، أو التحقيق بشكل جدّي معه، وذلك على خلفية التهم الموجهة له.

عملية الإفراج عنه في أيار 2017 الجاري بقيت غامضة حتى الآن، وعزاها البعض إلى أنها شرط من ضمن بنود الاتفاق الذي توصلت إليه لجنة الحي مع النظام السوري، دون أي توضيح من قبل الفصائل العسكرية أو المسؤولين عن هذه العملية.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع