د. أكرم خولاني
مرض البواسير هو أكثر اضطرابات الشرج شيوعًا عند الرجال والنساء، ومع أننا نسمع عنه بشكل متكرر، إلا أن نسبة شيوعه أكثر مما نظن، فحتى سن الخمسين فإن ما يقرب من نصف الناس يكونون قد اشتكوا من أعراض البواسير في فترة ما من حياتهم، ولكن معظم المرضى يخفون إصابتهم بسبب طبيعة المشكلة المثيرة للحرج بعض الشيء عند الحديث عنها مع غير المتخصصين، إضافة إلى أننا لا ننتبه كثيرًا لهذا المرض لكونه ليس من الأمراض الخطيرة أو المهددة للحياة.
ما هو مرض البواسير
هو تورّم وانتفاخ في الأنسجة والأوردة الدموية أسفل المستقيم وفي الشرج، وهي مشكلة مشابهة لمشاكل الدوالي التي تحدث في الأوعية الدموية في مختلف مناطق الجسم، لهذا تسمى البواسير بالأوردة الدوالية في منطقة المستقيم والشرج.
وقد تكون الإصابة في القناة الشرجية (أعلى ما يسمى بالخط المسنن) وتسمى بواسير داخلية، أو أنها قد تحدث بالقرب من فتحة الشرج (أسفل الخط المسنن) فتسمى بواسير خارجية، وقد يعاني الشخص من كلا النوعين في نفس الوقت.
تصيب هذه المشكلة الرجال والنساء بنسب متساوية، ويمكن أن تتطور في أي سن، لكن نسبتها ترتفع بعد سن الـ 30 عامًا، وتبلغ ذروتها بين 45 و65 عاما من العمر، و فوق سن الـ50 عامًا يكون 50% من الأشخاص قد عانوا من البواسير في مرحلة ما من حياتهم، ويتأثر حوالي 5٪ من الناس بهذا المرض في نفس الفترة.
ما أسباب الإصابة بالمرض؟
يوجد في القناة الشرجية الطبيعية أوعية دموية تعرف بالوسائد الباسورية، وهي تسهم في عملية حصر الغائط، والحفاظ على عضلة معصرة الشرج أثناء مرور البراز، كما تسهم بجزء من ضغط غلق الشرج أثناء الراحة، وتصبح البواسير مرضية عندما تتضخم أو تلتهب، وفي هذه الحالة يسمى مرض البواسير.
السبب الدقيق لمشكلة البواسير غير معروف، لكنها تحدث في الغالب بسبب الضغط الشديد على الأوردة في منطقة الحوض والمستقيم، وهناك عدة عوامل تلعب دورًا بالتسبب بالمرض، منها:
- عدم انتظام حركة الأمعاء (الإمساك المتكرر والمزمن أو الإسهال).
- الضغط الشديد والإجهاد عند التبرز.
- الاستخدام المفرط للملينات والذي يغير من وظيفة الإخراج الطبيعية.
- السمنة وقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، والتي تؤدي إلى كسل في حركة الأمعاء.
- عوامل غذائية، عدم تناول الغذاء الغني بالألياف وعدم تناول الفواكه والخضراوات بانتظام، وقلة شرب الماء والسوائل بشكل عام.
- الأعمال الشاقة التي تتطلب رفع أشياء ثقيلة.
- الجلوس لفترات طويلة.
- السعال المزمن.
- الحمل، فأثناء الحمل يضغط الجنين على الأوعية الدموية، كما تُحدث التغيرات الهرمونية ضعفًا في الأغشية وتضخمًا في أوردة البواسير، وعادة ما تختفي الأعراض بعد الولادة.
- الولادة، من شأنها أن تزيد من الضغط على الأوردة الباسورية.
- عوامل وراثية أو عدم وجود صمامات في أوردة البواسير.
ما أعراض الإصابة بمرض البواسير؟
تختلف أعراض البواسير باختلاف موقعها، داخلية أو خارجية.
البواسير الداخلية:
غالبًا ما ترتبط بنزول دم مع البراز دون حدوث ألم، وعادة ما يغطي الدم البراز، أويلاحظ الدم على ورق التواليت أو في المرحاض، وتشمل الأعراض الأخرى إفرازات مخاطية وحكة وتسرب البراز، وفي الحالات المتقدمة قد يحدث هبوط للدوالي الداخلية عبر فتحة الشرج لتبرز خارجيًا بشكل واضح، ويصاحبها حدوث ألم شديد، وتقسم البواسير الداخلية لأربع درجات بحسب هبوطها:
- الدرجة الأولى: تضخم الأوعية الدموية ونزيفها داخل القناة الشرجية دون تدليها.
- الدرجة الثانية: تدلي الأوعية المتضخمة أثناء التبرز، لكنها تعود تلقائيًا للداخل.
- الدرجة الثالثة: تدلي الأوعية تلقائيًا خارج الشرج، مع الحاجة لردها إلى الداخل يدويًا.
- الدرجة الرابعة: تدلي الأوعية الدموية بشكل مستمر خارج الشرج مع العجز عن إعادتها للداخل يدويًا.
البواسير الخارجية:
تتظاهر بانتفاخات حول الشرج، وقد تؤدي للحكة والتهاب الجلد المحيط بها، وحين تصبح كبيرة قد تسبب مشاكل في النظافة، وفي بعض الأحيان، قد يسد الدم البواسير الخارجية ويجذبها نحو الداخل فتتكون خثرة باسورية تسبب ألمًا شديدًا، قد يستدعي فتحها جراحيًا، ولكن عادة تفتح تلقائيًا ويزول الألم خلال يومين أو ثلاثة أيام، وتلتئم تلقائيًا فتختفي التضخمات خلال عدة أسابيع، وتترك ندبة صغيرة على شكل زائدة جلدية، أو تبقى مقفلة وتترك انتفاخًا بحجم حبة الحمص.
كيف يتم تشخيص المرض؟
يجب مراجعة الطبيب عند الإحساس بحكة وهرش في منطقة الشرج بشكل مستمر، أو نزول دم غير مصحوب بألم مع البراز، أو الشعور بألم في منطقة الشرج وما حولها أثناء الجلوس أو أثناء التبرز، أو الشعور بكتلة بارزة من فتحة الشرج. ويعتمد الطبيب في تشخيصه على ما يلي:
- الأعراض: الدوالي الداخلية تميزها أعراض نزول دم مع البراز أكثر من غيرها من الأعراض في البداية، والدوالي الخارجية تميزها أعراض التهاب الجلد في منطقة الشرج أكثر من غيرها في البداية.
- الفحص السريري: الذي يتم من خلاله فحص القناة الشرجية والمستقيم بالنظر العياني ثم من خلال إدخال الطبيب لإصبعه داخل فتحة الشرج (المس الشرجي).
- تنظير الشرج والسين والمستقيم: في حال تعذر لمس البواسير بالمس الشرجي يخضع المريض للتنظير لفحص الجزء السفلي من المستقيم والقولون والتأكد من التشخيص لنفي وجود مشاكل أخرى مسببة للبراز المدمى.
أخيرًا بالنسبة للعلاج فإنه يختلف حسب مرحلة المرض، فقد يكون على شكل إجراءات بسيطة للغاية، وقد يكون علاجًا جراحيًا عبر عدة تقنيات يمكن استخدامها حسب ما يقرره الطبيب.