كتاب إسرائيل بين الحقائق والأكاذيب
مراجعة: ليث الزعبي
يطرح الدكتور منير محمود، الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، في كتابه مجموعة دراسات تاريخية ودينية وسياسية واجتماعية وفق رؤية تحليلية موضوعية تهمُّ الباحث والمختصّ بالشأن الإسرائيلي.
يوصي الكاتب بقراءة هذه الدراسات بعيدًا عن أي صور مقولبة أو مسبقة عن إسرائيل، فيبدأ بالباب الأول بشرح المفاهيم والمصطلحات الإسرائيلية الشائعة، التي تشكّل لبسًا، كالعبرانية والصهيونية واليهودية والعبرية، ثم يتحدث عن الجماعات السياسية اليهودية من 1850 وحتّى 1948 ودوافع الهجرة إلى الأراضي المقدّسة، ويبدأ بالرّد على أبرز الادّعاءات والتحريفات التاريخية المتعلقة ببني إسرائيل في مصر، كادعاءات مشاركة يهود مصر ببناء الأهرامات وعقائدهم الدينية وتأثيرات الفكر الديني الفرعوني على الديانة اليهودية، ففكرة الهيكل اقتبسها اليهود عن الفراعنة، وكذلك عبادة العجل الذهبي وأشكال ألواح الشريعة اليهودية، وأوجه الشبه بين ترانيم الموسويين والفرعون إخناتون وعادات اجتماعية ودينية كالختان وخلع الحذاء في الأماكن المقدسة.
في الباب الثاني يتحدث عن الناحية الدينية، ويشرح بشكل مفصّل أسباب نشوء الطوائف اليهودية الدينية وأبرز الفروق بينها، وينتقل بعدها لإيضاح الظروف التي أدّت إلى طرح فكرة الوطن القومي اليهودي في القرنين التاسع عشر والعشرين، ويعتبر ظروف اليهود في جيتوهات أوروبا منطلقًا للمشكلة اليهودية التي أدّت لاحقًا إلى مذابح بحق معتنقي الديانة الموسوية في ألمانيا وغيرها، ويشرح سبب قبول الكثير من يهود أوروبا الأشكناز بفكر بنيامين هرتزل الذي خالف بكتاباته نصوص وتعاليم الديانة الموسوية التي تحرّم العودة للأرض المقدّسة قبل نزول الماشيح، هذا الفكر الذي عُدّ هرطقة ومعارضة لمشيئة الله في الفترات السابقة، ويشرح دوافع هجرة اليهود الطوعية أو الاضطرارية من كافة أرجاء المعمورة إلى الأرض المقدسة، ويقول إنّها تراوحت بين الضغوط الاجتماعية والحاجة الماديّة والاقتناع بالفكر الصهيوني جملة وتفصيلًا، ويوضّح مرافقة العنصرية إنشاء الدولة بين اليهود السفارديم والأشكناز ثم تحولات هذه العنصرية إلى عصرنا الحاضر، التي أنتجت الديمقراطية الخاصة ببعض اليهود فقط.
وفي الباب الثالث يطرح الكاتب نقاط الضعف في المجتمع الإسرائيلي، كعقدة العبودية واحتفاظ كثير من الطوائف بهويّات البلدان التي قدموا منها، واختلاف مصادر التشريع ومشكلة الهجرة العكسية وتزايد تأثير التيّارات العلمانية المعارضة للاحتلال، ويتحدث بعدها عن فرص السلام وحقيقة التيارات اليهودية الداعية له، وعن محدودية تأثيرهم في المجتمع بسبب حواجز عديدة.
بعد استعراض آراء دعاة سلام إسرائيليين، يؤكّد الكاتب أن لا مجال للسلام في الأرض المقدّسة ما لم يُفرض حل من الخارج بقرارات دولية، ويتعجّب الكاتب من ضعف الوعي المعرفي العربي لدى المواطن العربي، الذي لم يدرك حتى اليوم تحوّل شكل الصراع من المسلح إلى الدبلوماسي السياسي، ثم يعود بالتاريخ إلى حرب 48، التي يفصّل فيها سبب انتصار ميليشيات الهاجاناه على ما سُمّي وقتها خطأ جيوشًا عربيّة، ويؤكّد أن قرارات الزعامات العربية كان بعضها انفعاليًّا لا مدروسًا وبعضها تآمريًّا، وانتقد تخلّف منظمة التحرير عن الوقائع عام68 الذي أدّى إلى تراجع منظمة التحرير الفلسطينية عن المطالبة بزوال إسرائيل في العام 1988، وعادت للمطالبة بتطبيق قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947، وينتقل لحرب 73 التي أدّى التخطيط الدقيق لها إلى هزيمة إسرائيل على الجبهة المصرية، فاستقالت إثرها الحكومة الإسرائيلية، وينقل رواية المؤرخين الإسرائيليين الجدد لأسباب هزيمة إسرائيل، ويتحدث الكاتب بعدها عن أيديولوجيا الحكومات الإسرائيلية المخالفة لرغبات المجتمع الداعي للسلام.
وفي الختام يؤكّد الدكتور منير محمود على استحالة حل الصراع عسكريًا في هذه الظروف، ويشدّد أن الحل السلمي لا يعني التنازل عن فكرة المقاومة بكل أشكالها لأي عدوان إسرائيلي، ويطرح رؤيته الخاصة لحل القضيّة التي تستند على استراتيجية شرحها بالتفصيل، أساسها تفعيل دور الإعلام العربي لمناهضة الاحتلال وزيادة المعرفة الشعبية بإسرائيل، وزيادة تمثيل المختصين في الشأن الإسرائيلي بالشأن العام، ثم طرح مبادرة عربية- إسلامية للسلام بمجلس الأمن أو الجمعية العمومية بالأمم المتحدة، وإطلاق المظاهرات المليونية الداعية للسلام، التي تنطلق من خارج فلسطين إلى داخلها، ويستعرض أخيرًا رأيه بقضية التطبيع مع إسرائيل على كافة المستويات بسؤال “نقاطع من تحديدًا؟”.
اقتباسات:
التبعية بمفهومها العصري الحديث أسوأ وأخطر بمراحل من احتلال الأرض بالقوة الغاشمة.
هنالك مسافة كبيرة بين معرفة التفاصيل وإدراك الموقف واستخلاص النتائج.
الضعفاء فقط والمتاجرون والمزايدون والانتهازيون لا يقدرون على اتخاذ قرارات التغيير، لأن نتائج التغيير ستفضحهم وتعصف بأماكنهم التي تبوؤوها لأجل مصالح شخصية على حساب حقوق شعوبهم.
لا يقدر أي حاكم أو طاغية أو أي نظام في العالم أن يقهر أو يسجن أو يقتل مليون مواطن يتظاهرون سلميًّا، دون القيام بأي أعمال عنف.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :