أيهم الطه – دير الزور
تعاني مدينة دير الزور من نقص حاد في كافة مجالات الحياة نتيجة الحصار والقصف المستمر، وباتت مهددة بانتشار العديد من الأمراض والأوبئة، لم يكن آخرها انتشار مرض السل. كما تعاني المدينة من نقص حاد في الدواء والمستلزمات الطبية، ما يزيد من سوء الحالات المرضية وسرعة انتشار الأوبئة.
وأفاد ناشطون في المدينة إصابة العشرات من الأطفال بمرض السل، وسجلت عشرات الحالات من الإصابة في قرية العشارة التابعة للمحافظة خلال الأسبوع الماضي، كما سُجلت عدة إصابات في قرى مجاورة كان آخرها إصابتان في قرية الخريطة.
وبحسب الطبيب إبراهيم المزيد من قرية العشارة، التي سجلت أول حالات ظهور لمرض السل في محافظة دير الزور، فقد تم الكشف مؤخرًا عن عدة حالات من مرض التدرن الرئوي (السل الرئوي)، حيث أظهرت الفحوص المخبرية للقشع عصية كوخ المسببة لهذا المرض، وسجل سابقًا في ريف دير الزور انتشار العديد من الأوبئة والأمراض كالحمى التيفية والمالطية وشلل الأطفال واللاشمانيا، فأصبحت حاضنة للأوبئة والجراثيم المسببة لها، كما لعب تكرير النفط اليدوي دورًا كبيرًا في زيادة انتشار الأوبئة في المنطقة.
وتابع «اكتشف كإحصائية أولية أكثر من 15 حالة مثبتة للتدرن الرئوي وقابلة للزيادة بشكل كبير، خصوصًا في مدينة الميادين والعشارة وما جاورهما». وتم اكتشاف جميع هذه الحالات في العيادات الخاصة والمشافي الميدانية، وأكد الطبيب وجود شح كبير في الأدوية الخاصة بالمعالجة. وذكر الطبيب أن الوقاية من هذا المرض في الوقت الراهن صعبة جدًا نظرًا للظروف الراهنة والتلوث البيئي الشديد وعدم توفر اللقاحات، مع العلم أن المريض المكتشف يجب أن يوضع في العزل الصحي التام من أجل عدم انتشار المرض.
المحافظة التي تشهد انتشارًا للعديد من الأمراض والأوبئة لم يتسنّ لنسبة كبيرة من أطفالها الحصول على التطعيمات اللازمة خلال السنتين الماضيتين، كما تضررت أكثر من 80% من المشافي والنقاط الطبية في المدينة بسب القصف والاشتباكات المستمرة. وغادر المحافظة أكثر من 75% من كادرها الطبي إما إلى الريف أو إلى مناطق النظام، أو هاجروا خارج سوريا، ما زاد في سوء الأوضاع، فمدينة مثل دير الزور لم يبقَ في أحيائها المحررة سوى أقل من 3% من الكادر الطبي.
ويقول محمد، أحد الأطباء الموجودين في المدينة: «المشافي الميدانية تحاول سد النقص لكنها لا تفي بالغرض وذلك لغياب المكان والأمان والأجهزة المطلوبة وندرة الأدوية والمعدات الطبية «ويعاني من بقي من الكادر الطبي من العديد من المشكلات، يقف في مقدمتها الهاجس الأمني، حيث أعدم الطبيب حيدر في حي الجورة ميدانيًا، وهو حي يخضع لسيطرة النظام، واستشهد ممرضان آخران أحدهم في حي الحويقة قضى نتيجة شظية أثناء ذهابه في مهمة طبية لإسعاف أحد الجرحى.
ولا يوجد في المدينة اليوم سوى مخبر بسيط يكفي فقط للأمور الإسعافية، أما الحالات التي تحتاج إلى التحاليل والمتابعة فتنقل إلى خارج المدينة. ويتابع الطبيب محمد: «طلبنا عناية مشددة ونحتاج إلى منافس فنحن اليوم نعتمد على منافس صغيرة لإنتاج الأوكسجين، وقد سبب قطع الكهرباء كارثة صحية ومادية وإنسانية، فقد زادت المصاريف على إدارة المشفى نتيجة استخدام المولدات ويحاول الكادر الطبي التوفير في استهلاك الوقود، ونحن لا نشغل مولدة الكهرباء إلا عند وجود مريض» وأضاف أحد الممرضين: «غياب المختصين في المجال الطبي ترك الباب مفتوحًا للمتطوعين، فقد نرى طبيب أسنان في غرفة العمليات وربما بيطري، الناس هنا تعمل ما بوسعها لإيقاف الدم الجاري وإسعاف المرضى، وهناك الكثير من المتطوعين لم تكن لهم صلة بالعمل الصحي من قبل».