أحمد الشامي
في مقالة بمناسبة دخول الثورة السورية عامها الرابع، قام أستاذنا «ياسين الحاج صالح» بتسميتها ثورة «المو معقول». ولديه الحق في تسمية ما جرى في سوريا منذ وصول اﻷسد اﻷب «مو معقول» منذ مهزلة حرب تشرين وحتى مجازر اليوم، مرورًا بمذبحة حماة ودخول لبنان ومجازر «تل الزعتر» ثم «حفر الباطن» الخ. كل هذا يدخل في نطاق «اللامعقول» بمفاهيم علمي السياسة واﻷخلاق.
لكن، من قال أن نظام اﻷسد هو نظام «سياسي»؟ أو أن لديه أخلاق؟
بالمقابل، وفق علم الجريمة وعلم النفس اﻹجرامي تبدو تصرفات العصابة في دمشق «معقولة» بل ومتوقعة سلفًا من قبل نظام يعمل وفق قواعد المافيات والأنظمة السلطانية. للبرهان على ذلك، يستطيع القارئ مراجعة مقالتي «هل الجيش السوري وطني؟» التي توقعت فيها أن يتصرف الجيش اﻷسدي كجيش احتلال ومقالة «عودة المماليك» في شهري تموز وآب 2011.
ليس هذا «ضربًا بالمندل» لكنه استقراء عقلاني ناتج عن فهم الطبيعة العميقة لنظام العصابة في دمشق وعلاقاته مع أعداء الشعب السوري وأولهم إسرائيل، عراب النظام اﻹقليمي منذ اتفاقية «سعسع» عام 1974 بضمانات أمريكية وسوفيتية. منذ وصول «بشار اﻷسد» إلى السلطة، تمت إضافة إيران رسميًا في دور «أب روحي» يكمل ما بدأته «ماما إسرائيل» منذ 1966، بدعم روسي وبرضى غربي تام وحتى خليجي إلى وقت قريب.
في مواجهة هذا «المو معقول» الذي تبين أنه «معقول ومنطقي» ماذا فعل مثقفونا؟ ماذا فعلنا جميعًا؟
البعض ظن أن «آل سعود» و «آل ثاني» سوف يعينوننا على التخلص من «آل اﻷسد» لوجه الله، آخرون توقعوا أن موقع سوريا سيجعل اﻷمريكيين يهرعون لتحريرنا من عصابة اﻷسد التي توجها «نيكسون» ثم «كلينتون»، هل هذا معقول؟
هل هناك من أمل أن «تحررنا» إسرائيل من قبضة اﻷجير الذي أوكلت إليه مهمة حمايتها وترويضنا، هل إسرائيل حمقاء لهذه الدرجة؟
البعض اعتبر أن «الحل السياسي» ممكن… مع عصابة!
في النهاية ما هو “مو معقول” هي سذاجتنا ولاعقلانيتنا وتفكيرنا غير المنطقي والعشوائية التي نرد بها على التحدي، لكن ٳجرام النظام ليس فقط “معقولا” بل هو منطقي للغاية ومنسجم مع تاريخ هذه العصابة.