الإنسانية جوهر الثورة
عنب بلدي – العدد 109 ـ الأحد 23/3/2014
«لا تتحدى شخص ليس لديه ما يخسره».. لا بد أن هذه المقولة هي الأشهر في هذا الوقت لدى أبناء سوريا، فهل حقا خسرنا كل شيء وعلى جميع المستويات، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأهم الإنسانية.
سأترك جميع ما خسرنا لأصحاب الاختصاص ليتحدثوا عنه وسأتكلم عن الإنسانية، فالإنسان هو غاية الثورة وهدفها الأساسي، وهي –الثورة- ليست سوى وسيلة لتحقيق النتيجة النهائية، أي تحرير البشرية في المجالات المادية والروحية والثقافية وغيرها، ومن المهم البدء منذ اليوم بتثبيت مبادئنا الإنسانية بصورة شاملة في الممارسات اليومية، وطبعًا يمكن تجسيد تلك المبادئ إلى الغد أيضًا مستعيضين عن ذلك بالموقف الجاف والمهمل نحو بعضنا البعض، ولكن في هذه الحالة علينا أن نعرف أن التفاوت بين القول والفعل لن يبقى خافيًا، ولن يحكم علينا وفقًا للنيات المعلنة حتى ولو كانت أكثر خيرًا من غيرها بقدر ما سيحكم علينا وفقًا للأعمال الملموسة، وقد ظهر ذلك جليًا في الآونة الأخيرة في بلد العنب والدم.
إن تراكمات الأزمة وتداعياتها ولدت فينا نزعة الأنانية والكراهية، فالنفس والروح جوبهت بكل أنواع العنف حتى سلبت منها كل مظاهر السمو التي تسعى لها كل الديانات والثقافات، فمظاهر العنف والفقد المتكرر نزلت بنا إلى مستوى الدونية في التفكير والتعامل الإنساني، فشكلت اللامبالاة المرتبطة بالإحباط الداخلي مجتمعًا يتباعد في أفراده على مبدأ «ما أستطيع أن أحصل عليه اليوم وإن كان على حساب غيري قد لا أحصل عليه غدًا» رغم أن علينا الاتجاه إلى تأكيد التعاون في المسائل الإنسانية لأنه هام جدًا، هام بذاته، وبوصفه مجالًا يؤدي سوء التفاهم فيه إلى الاختلافات في المجالات الأخرى، وهذه القضية تستحق بلا شك اهتمامًا أكبر وإيضاحا أفضل لكي نتمكن على الأقل من تقدير التغيرات الجارية في المجتمع السوري حق قدره، فحسب مشاهدتي لاحظت الاتجاه نحو التناقض بين ما يجب الوصول إليه وما نحن نبنيه ونرسمه لتكوين نظام متكامل مثالي، وهي قضية المستقبل البعيد نوعًا ما، ولبناء هذا النظام علينا رفع شعار «كفى.. لنعمل اليوم معًا في سبيل تفادي مأساة الغد».
علينا أن نقوم بصياغة جديدة لبعض جوانب الواقع الذي نعيشه وأن نعيد النظر بصراحة لمفاهيمنا الطارئة التي بنيت على أساس آني في سبيل إضفاء مزيد من الطبيعة الثورية عليها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :